فوجئ المصريون في إبريل 2023 بمشاهد لتساقط مياه الأمطار داخل المتحف المصري الكبير المزمع افتتاحه قريبا، والذي يهدف لجذب 5 مليون سائح سنويا لمشاهدة أكثر من 100 ألف قطعة أثرية. وقد دار جدل حول المسؤول عن سقوط الأمطار بالمتحف، مما فتح ملف المتحف والجهات التي تشرف عليه.
بداية التأسيس
وضع الرئيس السابق حسني مبارك حجر التأسيس للمتحف في عام 2002، وبدأت أعمال التشييد في عام 2005، ثم توقفت بعد حدوث ثورة يناير. وفي عام 2016 عاد مشروع المتحف للواجهة مجددا بعد صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بإنشاء وتنظيم المتحف المصري الكبير. ولم تمر سوى أربع سنوات حتى أصدر السيسي القانون رقم 9 سنة 2020 بإعادة تنظيم المتحف المصري الكبير، ونص فيه على أنه هيئة عامة اقتصادية ذات شخصية اعتبارية. وأخيرا صدر قرار جمهوري في سنة 2021 بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف برئاسة السيسي.
بين السطور
في ثنايا تلك القرارات حدث تغير كبير بخصوص تبعية المتحف. ففي البداية كان المتحف مجرد هيئة تابعة للمجلس الأعلى للآثار ثم لوزارة الآثار دون استقلالية، لكنه أصبح بعد تلك القرارات المتتالية هيئة اقتصادية مستقلة تخضع لإشراف مجلس الأمناء.
في القانون رقم 9 الذي أصدره السيسي لسنة 2020 تظهر المادة رقم 12 بشكل لم يكن موجوداً من قبل في قانون 2016 حيث تنص على: “كما يكون لها -هيئة المتحف- أن تعهد إلى الشركات أو جهات الخبرة المتخصصة المصرية أو الأجنبية بتقديم وإدارة وتشغيل الخدمات بهيئة المتحف، وذلك على النحو الذي تنظمه اللوائح التنظيمية العامة، ودون التقيد بالنظم والقواعد الحكومية”. وهو ما تزامن مع تكليف السيسي للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بمسؤولية إدارة مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة به.
من خلال تلك المادة تحديداً تولت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إدارة شؤون المتحف بصلاحيات كاملة تشمل التحكم في الموارد المالية للمتحف، وهو ما يقصد به المنح المقدمة من الأفراد والجهات المسؤولة الأجنبية والمحلية، وبناء على ذلك تولى نائب رئيس الهيئة الهندسية اللواء مهندس عاطف مفتاح مسؤولية الإشراف على المتحف.
تلقى المتحف تمويلات وقروضاً خارجية ضخمة، من أبرزها قرض بقيمة 800 مليون دولار من وكالة جايكا التابعة لدولة اليابان على مرحلتين، الأولى في سنة 2008 والثانية كانت سنة 2016، وهي نفس السنة التي صدر فيها القانون الأول الذي عُدل لاحقاً.
ما الذي نفذته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة؟
بناءً على تصريحات اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على المتحف، فإنه منذ توليه منصبه بدأ في تغيير تصميم المتحف خاصة في أعمال الواجهة بحجة أن الواجهة القديمة كانت تحمل رموزا مسيئة للحضارة المصرية القديمة تشير إلى أن المصريين ليسوا بناة الأهرامات، كما تحدث عن إنشائه وابتكاره لعناصر جديدة لم تكن موجودة في التصميم الأصلي الذي فازت به شركة Heneghan Peng الايرلندية، حيث أضاف أول مسلة معلقة في بهو المتحف الداخلي، ووفقاً لحديثه فقد تم توفير أكثر من 180 مليون دولار بفضل تلك التعديلات.
لكن الملفت أن التعديلات التي قامت بها الهيئة الهندسية في سقف المتحف وواجهته هي نفسها التي تسببت في سقوط مياه الأمطار إلى داخل البهو الرئيسي للمتحف، والذي يضم تمثال رمسيس الثاني الذي غمرته المياه بالإضافة إلى إعاقة حركة دخول الزوار باتجاه قاعات المتحف الداخلية.
يبقى السؤال الأهم هنا، ما هي المعايير التي استندت إليها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في إنفاق ميزانية المتحف والتمويلات المخصصة له؟ مع العلم أنها تعتبر تمويلات مشروطة لتنفيذ التصميم الذي فازت به الشركة الايرلندية سالفة الذكر، دون تعديل في التصميم أو إسناد غير مباشر لجهة أخرى منفذة مما يتنافى مع عمل الهيئة الهندسية حالياً .