في مصر، تتوسع رقعة الفقر عامًا بعد عام، إلا أن الأشد فقرًا والأكثر تهميشًا هن النساء. تشير الأرقام إلى واقع اقتصادي واجتماعي يُثقل كاهلن، ويكشف حجم الغياب المؤسسي عن معالجة الجذور الحقيقية للفقر، خاصة في المناطق الريفية والأحياء المهمّشة
هذا التقرير يرصد بالأرقام والحقائق مظاهر “تأنيث الفقر” في مصر، ويُسلّط الضوء على الظواهر المرتبطة به، مثل تدني الأجور، سوء ظروف العمل، ارتفاع أعداد الغارمات، واستبعاد الملايين من برامج الحماية الاجتماعية
عوامل زيادة نسبة الفقر بين النساء
ارتفاع البطالة وضعف الفرص الاقتصادية
شهدت مصر ارتفاعًا في معدل البطالة بين الإناث (وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سجل معدل البطالة بين الإناث في مصر 16.4% في الربع الأول من عام 2025) وتُواجه النساء صعوبة في الحصول على فرص عمل لائقة، وغالبًا ما يُحصرن في وظائف غير مستقرة أو منخفضة الدخل، كما أن مساهمة المرأة في قوة العمل ما زالت متدنية (حوالي 17% فقط وفقا للبيانات الأولية لبحث القوى العاملة عام 2024)، مما يعني دخلًا أقل ونسبة أعلى للوقوع في دائرة الفقر
تركّز الإناث في قطاعات منخفضة الأجر ومنعدمة الحماية
غالبًا ما تعمل النساء في مصر في قطاعات اقتصادية أقل إنتاجية وأدنى أجرًا، وبعيدة عن مظلة الحماية الاجتماعية مقارنة بالرجال. على سبيل المثال، 32.4% من النساء العاملات تعملن في القطاع غير الرسمي (معظمهن بالزراعة) (وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2022)
هذا التواجد الكبير في القطاع غير الرسمي يعني غياب عقود عمل وتأمينات، مما يُعرّض النساء وعائلاتهن لعدم الاستقرار المادي
يعتمد القطاع الزراعي في مصر بشكل كبير على النساء العاملات، ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2022، تمثل الزراعة 32.4% من العمالة النسائية غير الرسمية، حيث أصبح قطاع الزراعة مؤنثًا بسبب هجرة الرجال من الريف إلى المدن
وتقوم النساء بـ94% من أعمال الحصاد في صعيد مصر و67% في الوجه البحري. كما تمثل النساء النسبة الأكبر -79.5%- من العمالة غير مدفوعة الأجر في الريف، بحسب العرف السائد الذي يجعل النساء المزارعات تعمل بلا أجر في فلاحة أرض الأب أو الزوج، بدلاً من الاستعانة بعمالة زراعية تتقاضى أجراً نظير العمل. إلى جانب ذلك، يقمن بتربية الطيور والماشية وتصنيع منتجات الألبان منزليًا، مما يضعهن في موقف أكثر ضعفًا
كما أن أقل من 5% من الأراضي الزراعية مملوكة للنساء (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO) مما يقلل من احتمال حصولهم على قروض طويلة الأجل مثل الرجال. لذلك، رغم أن النساء يمثلن جزءًا كبيرًا من الأيدي العاملة الزراعية، إلا أنهن يواجهن العديد من العقبات التي تعيق أداءهِن ودخولهن في هذا الإطار
المسؤوليات الأسرية وغياب المعيل الذكر
من بين 25.8 مليون أسرة، هناك 4.4 مليون أسرة مصرية تعولها امرأة بمفردها، وفقًا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في اليوم العالمي للأسرة في عام 2023. (أي أن 17% من الأسر المصرية على الأقل تتولى أمرها نساء)
كثير من هؤلاء الأسر تعيش في فقر لأن دخل المرأة وحده لا يكفي لتلبية احتياجات الأسرة. كما أن نسبة ملكية النساء للأراضي الزراعية أقل من 5% فقط، مما يحدّ من قدرتهن على الحصول على قروض أو تنفيذ مشاريع منتجة لزيادة دخلهن
إضافة إلى ذلك، 60% من الفقراء في مصر يقيمون بالمناطق الريفية، وتشكّل النساء نحو 30% من إجمالي الفقراء وفق بعض التقديرات، ما يعني أن المرأة الريفية خاصة تتحمل نصيبًا وافرًا من عبء الفقر المتفشي
عوامل اجتماعية وثقافية مكرّسة للفقر
تعاني المرأة المصرية، خصوصًا في الريف والمناطق الفقيرة، من أميّة أعلى وضعف في التعليم والتأهيل مقارنة بالرجال مما يقلل فرص حصولها على وظائف جيدة
النساء والفتيات في العمالة المنزلية والحقول
تعاني النساء والفتيات في قطاعات العمل المنزلي والحقلي من تدنّي شديد في الأجور مقارنة بحجم الجهد المبذول، وأحيانًا من غياب الأجر تمامًا في حالات العمل العائلي
العمالة المنزلية (خادمات المنازل) الريف مثلًا، تُستغل الطفلات أحيانًا في خدمة أسرهن دون أي أجر نقدي، حيث يُعتبر عملهن “واجبًا” عائليًا
وفي حالات الفتيات العاملات خادمات في منازل الغير، كثيرًا ما تُدفع لهن أجور زهيدة للغاية إذا ما قورنت بساعات العمل الطويلة؛ فقد أشارت بيانات سوق العمل إلى أن متوسط راتب العاملة المنزلية المصرية غير المقيمة يتراوح فقط بين 2800 و3500 جنيه شهريًا في أحسن الأحوال، وهو مبلغ بالكاد يكفي للمعيشة في ظل ارتفاع تكاليف الحياة
العمل في الحقول والزراعة
تمثل المرأة العمود الفقري للعمالة الزراعية الموسمية في مصر، حيث تقوم النساء بنحو 94% من أعمال الحصاد في الصعيد و67% منها في الوجه البحري (بحسب المعهد القومي للتنمية المستدامة)، ومع ذلك، تتقاضى العاملات أجورًا متدنية جدًا مقارنة بالرجال لنفس العمل
تُفيد شهادات لُمزارعات، أن أجر المرأة في الحصاد اليومي حوالي 80 جنيهًا فقط (نحو 1.7 دولار)، بينما يتقاضى الرجل عن نفس اليوم حوالي 130 جنيهًا، حتى في موسم حصاد القمح عندما ترتفع الأجور نسبيًا، قد يصل أجر الرجل إلى 150 جنيه في اليوم، لكن أجر العاملة يظل 80 جنيهًا تقريبًا. أي أن المرأة تتقاضى ما يعادل نصف أجر الرجل أو أقل نظير ذات العمل الشاق
وتذكر تقارير منظمات حقوقية أن كثيرًا من النساء الريفيات يعملن فعليًا “مجانًا” في أراضي الأسرة (أرض الأب أو الزوج) بدافع الواجب العائلي التقليدي، أو يتقاضين أجرهن بشكل عيني (كالحصول على جزء من المحصول أو الطعام) بدلًا من المال
هذه الأرقام تؤكد أن الطفلة أو المرأة العاملة في الخدمة المنزلية أو الحقلية في مصر غالبًا ما تتقاضى أجرًا ضئيلًا جدًا أو لا شيء على الإطلاق مقارنة بحجم العمل. تدني الأجور هذا يعني بقاء الكثير من النساء تحت خط الفقر حتى وإن كن يعملن بدوام كامل، مما يساهم في ظاهرة تأنيث الفقر وتوارثها
المخاطر التي تواجهها النساء العاملات بخلاف ظلم الأجور
لا يقتصر التحدي الذي يواجه النساء العاملات الفقيرات على ضعف الأجر فقط، بل تواجهن طيفا واسعا من المخاطر والانتهاكات في بيئة العمل تزيد من معاناتهم
انعدام وسائل النقل الآمنة وحوادث مميت
تضطر العاملات الزراعيات يوميًا إلى ركوب شاحنات نقل مكشوفة ومتهالكة للوصول إلى الحقول البعيدة، مما يعرضهن لخطر حوادث الطرق القاتلة. وقد وُصفت هذه المركبات بـ«شاحنات الموت» لتهالكها واكتظاظها بالنساء دون إجراءات سلامة
يكشف تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان عن مقتل 79 عاملًا زراعيًا (منهم نساء ورجال وأطفال) وإصابة 190 آخرين خلال 9 أشهر فقط نتيجة حوادث طرق لتلك السيارات والفٌّلوكات النهرية المتهالكة في عام 2016. هذه الحوادث تتكرر بسبب غياب النقل الآمن وعدم التزام أصحاب العمل بتوفير مواصلات آدمية
التعرض لإصابات عمل وأمراض خطيرة
تعمل الكثير من النساء لساعات طويلة في أوضاع مرهقة بدنيًا؛ مثلا يبدأ يوم العاملة الزراعية في الرابعة فجرًا وينتهي مع غروب الشمس في وضعية انحناء مستمر لحصاد المحاصيل، هذا الجهد يؤدي لإصابات في الظهر والمفاصل والإرهاق الشديد. أضف إلى ذلك التعرض للمبيدات الحشرية والمواد الكيميائية دون أي معدات وقاية، مما يسبب لهن الدوار ومشاكل التنفس ويؤثر سلبًا على صحتهن الإنجابية، العمل تحت أشعة الشمس الحارقة دون حماية كافية يسبب أيضًا ضربات شمس وجفافًا للعديدات، كل ذلك في ظل غياب الرعاية الصحية أو التأمين الصحي لهؤلاء العاملات
العنف والتحرش الجنسي
أشار بحث ميداني إلى أن عديدًا من المزارعات يتعرضن للتحرش اللفظي والجسدي أثناء انتقالهن إلى الحقول أو في مواقع العمل نفسها. وقد يجبرهم غياب وسائل النقل الخاصة على الركوب مع غرباء أو مقاولين، مما يفتح المجال لانتهاكات أخلاقية
ومع انتشار الأمية بينهن وخوفهن من الفضيحة أو فقدان العمل، غالبًا ما تصمت الضحايا عن الشكوى. هذا الخوف والصمت يزيد من هشاشة موقفهن ويجعل المعتدين في مأمن من العقاب. بالإضافة للتحرش، هناك أيضًا العنف اللفظي والإهانات والتوبيخ الذي تتعرض له العاملات من بعض المشرفين وأصحاب العمل، خاصة إذا أبدين تعبًا أو حاولن نيل قسط من الراحة أثناء يوم العمل الطويل
فجوة الأجور ولماذا تفضّل بعض الشركات العمالة النسائية
تشير الإحصاءات إلى وجود فجوة واضحة في الأجور بين الرجال والنساء في مصر، إذ تتقاضى النساء عمومًا رواتب أقل من الرجال حتى في الأعمال المماثلة. هذه الفجوة ليست مجرد ظلم واقع على المرأة، بل أصبحت دافعًا لكثير من أصحاب العمل لتفضيل توظيف النساء بهدف تقليل تكاليف الأجور
حجم فجوة الأجور بين الجنسين
وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، يبلغ متوسط أجر الإناث الأسبوعي في مصر حوالي 850 جنيهًا مقابل 960 جنيهًا للذكور – أي أن المرأة تتقاضى أقل بنحو 13% من الرجل في المتوسط. دراسات أخرى أشارت إلى فجوة أكبر في بعض القطاعات، حيث قد يصل ما تتقاضاه المرأة إلى ما يتراوح بين 25% إلى 30% أقل من أجر الرجل عن نفس العمل
على سبيل المثال، في القطاع الخاص عام 2020 كان متوسط أجر الذكر 911 جنيهًا مقابل 776 جنيهًا للأنثى. هذه الفجوة تعني وفرة في اليد العاملة النسائية الرخيصة نسبياً، خاصة في الأعمال التي لا تتطلب مهارات عالية، ما يغري بعض الشركات وأصحاب المشروعات باستقدام مزيد من النساء
وهناك عوامل عدة تفسّر تدني متوسط أجور النساء، منها التمييز المباشر (حيث يُعطى الرجل علاوات وترقيات أسرع من المرأة)، وكذلك ميل النساء للعمل في قطاعات أقل ربحية أو وظائف بدوام جزئي بسبب مسؤوليات الأمومة والرعاية. كما أن بعض القوانين تحظر عمل النساء في 30 وظيفة معينة بحجة طبيعتها الشاقة مما حصر النساء في مجالات أقل أجرًا (القرار الوزاري رقم 155 لسنة 2002، والصادر عن وزارة القوى العاملة) . إضافة لذلك، ضعف تفاوض المرأة على الراتب في ظل حاجة شديدة للعمل يجعلها تقبل برواتب أدنى مما قد يقبله الرجال
وتشير بعض الدراسات الاجتماعية إلى أن العاملات النساء أقل تنظيمًا في نقابات أو حركات مطلبية، وكثيرًا ما يخشين المطالبة برفع الأجور أو تحسين ظروف العمل خوفًا من الفصل أو الوصم الاجتماعي
عمل النساء في المهن الموسمية والحصاد وقطاع الإنشاءات
تتفاوت درجة مشاركة المرأة المصرية في القطاعات الاقتصادية المختلفة. ففي حين تلعب دورًا كبيرًا في العمالة الموسمية الزراعية وحصاد المحاصيل، نجد حضورها محدودًا جدًا في قطاع الإنشاءات والبناء مثلاً
تُظهر بيانات جهاز الإحصاء أن نسبة الإناث في عمال الإنشاءات ضئيلة جدًا (حوالي 0.6% فقط من إجمالي العاملين في هذا القطاع)، أي من كل 1000 عامل بناء هناك نحو 6 فقط نساء. وغالبًا تتركز أعمالهن في وظائف إدارية أو فنية مرتبطة بالمجال وليس في أعمال البناء اليدوية الشاقة. فعلى سبيل المثال، بلغ عدد النساء العاملات في شركات المقاولات العامة نحو 100 ألف فقط سنة 2020 مقابل الملايين من الذكور (تقرير صادر عن معهد كلينغيندال الهولندي لشهر مايو 2023. يتناول التقرير الاقتصاد المصري في قطاعات البناء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT))
وتنخرط النساء أيضًا في مهن موسمية غير زراعية مثل العمل الموسمي في السياحة خلال المواسم السياحية أو في مصانع التغليف والتعليب الغذائية بمواسم الإنتاج. ولا تتوفر أرقام دقيقة لتوزيع النساء في كل مهنة موسمية، لكن الاتجاه العام هو أن المرأة حاضرة بقوة حين يكون العمل مؤقتًا أو موسم حصاد/موسم سياحي، حيث ترى فيه فرصة للمساهمة في دخل الأسرة عند الحاجة
ظاهرة الغارمات
من الظواهر الاجتماعية الخطيرة المرتبطة بفقر المرأة في مصر هي ظاهرة الغارمات، أي النساء المحبوسات على ذمة ديون لم يستطعن سدادها. غالبًا ما تلجأ نساء معوزات لاقتراض مبالغ (سواء من جمعيات أهلية أو أفراد أو شراء بالتقسيط) لتزويج بناتهن أو توفير احتياجات أساسية، ثم يعجزن عن السداد فيُسجَنّ بموجب أحكام قضائية.
أعداد الغارمات في السجون
لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة تمامًا، لكن تقديرات شبه رسمية (تقرير أصدرته وحدة البحوث والدراسات بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان) تشير إلى وجود نحو 30 ألف امرأة غارمة في السجون المصرية. هذا الرقم الضخم يعني أن النساء الغارمات يشكّلن حوالي 20% إلى 25% من إجمالي السجناء في مصر، وهي نسبة لافتة. وأغلبية هذه الحالات ناتجة عن ديون مرتبطة بمستلزمات الأسرة والبيت أو مصاريف زواج البنات، حيث تقع النساء في فخ الشيكات أو إيصالات الأمانة عند الاستدانة بدون وعي قانوني كاف. وأظهر تقرير حقوقي أن متطلبات الزواج الباهظة تعتبر من أبرز أسباب ظاهرة الغارمات، إذ تضطر الأم الفقيرة للاقتراض لشراء أجهزة العروس أو تجهيز المنزل. كما يلعب الفقر والأمية المالية وعدم فهم عواقب التوقيع على إيصالات الدين دورًا في تورط النساء في هذه المشكلة
. النساء وبرامج الحماية الاجتماعية (تكافل وكرامة)
تشكّل النساء نحو 75% من المستفيدين من برامج تكافل وكرامة، بصفتهن معيلات للأسر. (بحسب وزارة التضامن الاجتماعي)
تم إخراج ما يقارب 3 ملايين أسرة من برامج الدعم خلال السنوات الأخيرة، بحجة “تحسّن الأوضاع”، رغم بقاء الفقر مستشريًا. (تصريح لوزيرة التضامن الاجتماعي د.مايا مرسي في مارس 2025)
تعاني الأسر التي فقدت الدعم من غياب البدائل، وغياب التدرج في وقف المعونة، ما أدى لعودة آلاف الأسر إلى دوامة الفقر
على الرغم من ذلك، تُقدَّم هذه البرامج في الإعلام الرسمي على أنها إنجاز غير مسبوق، دون عرض حقيقي لتأثيرها طويل المدى
خلاصات من مجمل التقرير
بطالة النساء وضعف الفرص الاقتصادية
بلغت نسبة مشاركة النساء في قوة العمل حوالي 17% فقط في عام 2024
تواجه النساء معدلات بطالة أعلى بكثير من الرجال، وتركّزن في قطاعات ضعيفة الأجر وعديمة التأمين
32.4% من النساء العاملات في مصر يعملن في القطاع غير الرسمي، معظمهن في الزراعة، دون عقود عمل أو تأمين اجتماعي
الزراعة المؤنثة: النساء في قلب العمل الريفي
تُمثل النساء 94% من العاملات في الحصاد بصعيد مصر، و67% في الوجه البحري
تعمل كثيرات بلا أجر في أراضي الأسرة بدافع العرف، أو يتقاضين أجرًا عينيًا
أقل من 5% من النساء يمتلكن أراضٍ زراعية، مما يقلص فرص الحصول على قروض
نساء بلا معيل: الأسر المعالة من امرأة
حوالي 4.4 مليون أسرة في مصر (17%) تعولها امرأة وحدها
هذه الأسر أكثر عرضة للفقر نتيجة غياب الدخل الإضافي والدعم المؤسسي
تعاني النساء الريفيات تحديدًا من التهميش المزدوج: اقتصادي ومجالي
العمل المنزلي والحقلي: أجور زهيدة واستغلال ممنهج
متوسط أجر العاملة المنزلية غير المقيمة لا يتجاوز 2800–3500 جنيه شهريًا
في الحقول، تتقاضى النساء نحو 80 جنيهًا يوميًا، مقابل 130–150 جنيهًا للرجال في نفس العمل
نسبة كبيرة من العاملات لا يتلقين أجرًا نقديًا، بل يعملن مجانًا في إطار العمل العائلي
بيئة العمل: نقل متهالك ومخاطر يومية
تُنقل العاملات الزراعيات في “شاحنات الموت” المكشوفة والمهترئة
وقعت مئات الحوادث القاتلة بسبب غياب مواصلات آمنة
تعمل النساء في ظروف مرهقة جسديًا دون تأمين صحي أو معدات وقاية
التحرش والعنف في العمل
تتعرض العاملات الزراعية والمنزليات للتحرش اللفظي والجسدي
الخوف من الفضيحة والفصل يمنع النساء من التبليغ
تغيب آليات الشكوى، وتُهيمن الأعراف على تعامل المجتمعات المحلية مع الظلم الواقع على النساء
فجوة الأجور: أرباب العمل يفضلون النساء… ليس احترامًا، بل لتقليل التكلفة
متوسط أجر المرأة يقل بـ13% عن الرجل في ذات الوظيفة
تصل الفجوة في بعض القطاعات إلى 25–30%
أرباب العمل يفضّلون النساء لأجورهن المنخفضة، لا لكفاءتهن فقط
النساء والمهن الموسمية وقطاع الإنشاءات
نسبة النساء في قطاع الإنشاءات 0.6% فقط، وغالبًا في أدوار إدارية
تعمل النساء في أعمال موسمية كالحصاد أو التغليف، بدون استقرار وظيفي أو أمان مالي
يُسجَّل حضور النساء بقوة في العمل المؤقت عند الحاجة الاقتصادية للأسرة
الغارمات: حين يقود الفقر إلى السجن
تشير تقديرات إلى وجود نحو 30 ألف غارمة في السجون المصرية
تقع الغارمات في فخ الديون بسبب تجهيز بناتهن أو تسديد مصاريف أساسية
الجهل القانوني، والأمية المالية، والثقة الزائدة في “إيصالات الأمانة” تدفع النساء نحو الحبس
برامج الحماية الاجتماعية: غائبة أم مغيّبة؟
تُشكل النساء 75% من المستفيدين من “تكافل وكرامة
تم استبعاد نحو 3 ملايين أسرة من الدعم خلال السنوات الأخيرة
الأسر المستبعدة لم تُمنح بدائل تدريجية، ما أعادها إلى قاع الفقر
خلاصة واستنتاجات
النساء في مصر يواجهن نمطًا مركبًا من التهميش: اقتصادي، اجتماعي، وقانوني
الدولة لا تزال تعتمد على الدعم النقدي المحدود، دون استراتيجية شاملة للتمكين الاقتصادي الحقيقي
ظاهرة “تأنيث الفقر” ليست عرضًا اجتماعيًا طارئًا، بل نتيجة هيكلية لسياسات اقتصادية تفتقر إلى العدالة والتوزيع العادل للموارد