منطقة العزل في رفح المصرية على خرائط الاحتلال: ماذا تعني؟

في الآونة الأخيرة اتبع الجيش الإسرائيلي استراتيجية جديدة خلال عمليات التهجير القسري في غزة، عبر رسم خريطة مقسمة إلى وحدات صغيرة مرقمة، يهدف من خلالها إلى تعريف سكانها عند قصف نقاط محددة فيها بأرقامها لإخلائها والتوجه إلى نقاط أخرى، لكن ما لفت الانتباه أن منطقة رفح المصرية كانت موجودة في تلك الخريطة تحت اسم “المنطقة العازلة بين سيناء وقطاع غزة”، نتناول تلك التسمية وكيف أصبحت رفح منطقة عازلة ولمصلحة من.

رفح المصرية

في سنة 2014 اتبعت الدولة المصرية برئاسة عبد الفتاح السيسي منهجاً جديداً في الحرب التي شنتها على الجماعات المسلحة في سيناء عبر استخدام التهجير القسري والإخلاء الجبري لمناطق سكنية معينة في سيناء، ومن أهم تلك المناطق مدينة “رفح المصرية” التي بلغ عدد سكانها 72.369 شخص وفقاً لتعداد سنة 2012.

تركزت خطة الدولة حينها على إخلاء رفح بعمق يصل إلى 500 متر وطول يصل إلى 14 كيلو، وهو ما تطلب إخلاء نحو 900 منزل، استمرت تلك الخطة حتى وصلت يومنا هذا إلى إخلاء المنازل بعمق يصل إلى 7 كيلو متر.

تقسيم مدينة رفح

ظلت رفح عبر تاريخها تتسم بأنها مدينة ذات نسيج عمراني واجتماعي واحد، حتى جاءت اتفاقية 1906 لترسيم الحدود المصرية مع الشام التي فرض خلالها الاحتلال الإنجليزي إنشاء خط يفصل بين فلسطين ومصر مما أدى إلى تقسيم مدينة رفح إلى جزئين، جزء واقع ضمن فلسطين وجزء واقع ضمن مصر، إلا أنه لم يكن مؤثراً على الواقع المعيشي للسكان حيث كفل لهم حق التنقل دون أي قيود.

تأزم وضع المدينة عقب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة سنة 1979 حيث أقرت هذا التقسيم لكن باعتباره تقسيماً حدودياً فاصلاً، وعلى إثره بنت قوات الاحتلال الإسرائيلي سلكا شائكا يفصل المدينة إلى جزئين، وهو ما أدى إلى تشتيت الأسر بين الجانبين، فانقسمت الأسرة الواحدة المكونة من أب وجد وحفيد إلى أسرتين تقع كل واحدة منهما في بلد مختلف. تطور هذا السلك بعد سنوات قليلة إلى إنشاء منطقة عازلة داخل قطاع غزة تمتد إلى عمق 400 متر، ثم إلى سور حديدي إثر الانتفاضة الثانية، ثم سور خرساني سنة 2008، وبقي الوضع على حاله حتى سنة 2014 حين تهجر أهالي مدينة رفح المصرية لإنشاء المنطقة العازلة.

رفح الجديدة وتباين العمران!

أنشأت الحكومة المصرية مدينة رفح الجديدة على بعد 7 كيلو متر من الحدود مع قطاع غزة، على بعد 6 كيلو ونصف تقريباً من البحر الأبيض المتوسط، وهي مدينة ذات نمط عمراني مختلف تماماً عن مدينة رفح التاريخية، حيث بُنيت وفق نظام العمارات السكنية ذات الأدوار المرتفعة والمتلاصقة بحيث تتسلم كل أسرة من الأسر المهجرة شقة -وهو ما لم يجر حتى الآن- بينما كان السكان يمتلكون بيوتاً قائمة بذاتها مع قطعة أرض مزروعة يعمل فيها أصحابها كجزء من ملكيتهم.

اشتكى سكان رفح المصرية من منعهم من دخول رفح نهائياً منذ عام 2017 بالإضافة إلى إخلاف كل الوعود المقدمة لهم منذ 2014 حتى الآن، سواءً بالتعويض الذي لم يكن كافياً ومعبراً عن طبيعة الحياة في رفح قبل التهجير، أو بالعودة إلى أراضيهم بعد انتهاء العمليات العسكرية.

مستجدات!

في 2023 تجددت مطالبات الأهالي بالعودة إلى رفح، ونظموا احتجاجات تحت اسم “حق العودة” بينما تتواتر الأخبار عن استحواذ رجل الأعمال إبراهيم العرجاني على المنطقة العازلة لإقامة مزارع خضروات فيها من أجل تصدير المحصول للخارج بما فيه قطاع غزة، وتزايدت الشائعات مع بدء إنشاء آبار جوفية في المنطقة.

ما الذي بقي؟

مع الهجوم العنيف على قطاع غزة، بدا القطاع معزولا عن مصر في ظل التزام القاهرة بتشغيل المعبر وفق التعليمات الإسرائيلية، حيث لا تدخل أي شاحنات للمساعدة داخل قطاع غزة إلا بإذن وتفتيش من طرف الإسرائيليين. لذلك كان بديهياً أن تظهر المنطقة العازلة في خرائط الاحتلال الإسرائيلي دون مراعاة لكونها خاضعة للسيادة المصرية.

 

 

أضف تعليقك
شارك