إضراب عمال كيرسيرفيس والحقوق المهدرة

 

 دخل نحو 400 عامل تابع لشركة كيرسيرفيس في معسكر قوات حفظ السلام في شرم الشيخ في إضراب عن العمل في نوفمبر الماضي بسبب سوء أوضاعهم وتدني الأجور، حيث كشفوا أن أجور العمال القدامى منهم أقل من 7000 جنيه رغم عملهم في الشركة منذ 20 عاما، فيما لا تصل رواتب العمال الأحدث إلى 3000 جنيه.

أوضح العمال كذلك أن الزي الرسمي للعمل رديء للغاية ويصيبهم بأمراض جلدية، كما أن السكن غير آدمي حيث يقيم في كل شقة تابعة للشركة 9 عمال على الأقل رغم صغر مساحتها، لكن الفاجعة أن العمال اكتشفوا عند لقائهم بقائد قوات حفظ السلام الجنرال إيفان ويليامز، أن القوات الدولية تصرف لهم بدل وجبة يبلغ 12 دولارا في اليوم الواحد ما يعادل 600 جنيها بحسب السوق السوداء و360 جنيها بالسعر الرسمي، ولكن الإدارة المصرية للشركة تصرف لهم 300 جنيها في الشهر كبدل وجبات. 

ما هي قوات حفظ السلام؟

في يوليو 1979 انتهت مدة تواجد قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة في سيناء، والتي بدأت عملها بعض توقيع اتفاق فض اشتباك بين مصر وإسرائيل عام 1974، وقد استخدمت روسيا حق النقض الفيتو لمنع تجديد مهمة القوات. وتزامن ذلك مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي تعهد خلالها الرئيس الأمريكي كارتر بإنشاء قوات متعددة الجنسيات لضمان التزام مصر وإسرائيل بتنفيذ بنود الاتفاق. وفي أغسطس عام 1981 وقعت مصر والولايات المتحدة وإسرائيل اتفاقية تخص عمل تلك القوات التي تمركزت في شمال وجنوب سيناء وفي صحراء النقب، وبلغ عدد أفرادها في سيناء نحو 1154 فردا من 13 دولة أغلبهم من الأمريكيين حيث يبلغ عددهم 452 فرد.

تشرف القوات متعددة الجنسيات حاليا على مراقبة انتشار حرس الحدود على الجانب المصري من الحدود مع غزة، ومراقبة حجم التواجد العسكري المصري في سيناء، فضلا عن ضمان حرية الملاحة في مضيق تيران قبل أن تتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

وما هي كيرسيرفيس؟

نظرا لاحتياج القوات متعددة الجنسيات في سيناء إلى خدمات لوجستية، فقد تعاقدت مع شركة مصرية لتلبية متطلبات أفرادها، وهي شركة كير سرفيس التي تقدم خدمات في مجالات متعددة مثل الحراسة والأمن والنظافة وتوريد العمال.

تأسست كير سرفيس عام 1979 لتلبية طلب السفارة الأمريكية بالقاهرة بوجود شركة أمن خاصة لحراسة السفارة بجوار قوات الشرطة المصرية وقوات المارينز، وتأسست الشركة بعضوية اثنين من الأجانب واثنين من المصريين تحت قيادة لواء مخابرات عامة متقاعد.

يعمل بالشركة حاليا نحو 20 ألف عامل، وتتولى مهام النظافة في مطارات القاهرة وأسوان والإسكندرية، فضلا عن حراسة وتنظيف نحو 14 بنكا، كما تعمل في معسكرات حفظ السلام في سيناء في عدة أعمال مثل السباكة والطبخ وغسيل الملابس وخدمات النظافة وعمليات الصيانة.

من يدفع التكلفة؟

بحسب الاتفاق المبرم لإنشاء مهمة القوات متعددة الجنسيات في سيناء، فإن الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل تتقاسم النفقات بالتساوي، فيما تشارك بعض الدول بنسب بسيطة لا تتعدى 10 % مثل ألمانيا واليابان وهولندا فنلندا والنرويج وكوريا والسويد والمملكة المتحدة. وقد بلغت ميزانية تلك القوات في عام 2021 نحو 75 مليون دولار، وهو مبلغ كبير يكفي لحصول شركة كير سرفيس على تعاقدات مجزية.

ومن المعروف أن العمل مع قوات دولية في سيناء يقع ضمن المهام الحساسة للأمن القومي، ولذا نجد أن العضو المنتدب لشركة كير سيرفيس هو اللواء عادل عمارة الذي شغل أيضا منصب رئيس شعبة شركات الحراسة والبيئة بالغرفة التجارية في القاهرة، وهو ما يعني أن الشركة تمثل واجهة من الضباط المتقاعدين لصالح أجهزة سيادية. لكن المؤسف هو تلقي الشركة مبالغ كبيرة من قوات حفظ السلام ثم السمسرة، وإعطاء مقابل زهيد للعمال كما في بدل الوجبة، وهو مقابل لا يكفي العامل للإنفاق على نفسه فضلا عن إعالة أسرته.

ومن الملفت أن الشركة أخبرت العمال أن اللواء ويليامز مستاء من الإضراب، ويهدد بفصلهم، وهو ما نفاه حين التقى 6 من ممثلي العمال، وأعرب عن صدمته من المبلغ الذي تدفعه إدارة الشركة كبدل وجبة رغم تسلمها مبلغا كبيرا لكل عامل، ووعد برفع مطالب العمال إلى إدارة الشركة لحل الأزمة.

السؤال هنا، متى تطلع الحكومة للعمال بعين العدل والرحمة وتدافع عن حقوقهم خصوصا في الوضع الاقتصادي المتأزم الذي بالكاد يلبي المواطن فيه احتياجاته الأساسية؟!

 

 

أضف تعليقك
شارك