شح الدولار واللجوء لمقايضة الشاي

 

نشر موقع بلومبرج نقلا عن وزير الخزانة الكيني أن مصر تسعى لمقايضة الشاي الكيني مع أي منتج مصري تختاره كينيا، وذبك بعد أن أبلغه السفير المصري بأن القاهرة لا تملك دولارات لشراء شحنات الشاي الموجودة بالفعل في مواني كينيا، بينما توجد شكوك حول استجابة الحكومة الكينية للعرض المصري في ظل احتياج نيروبي الشديد للعملة الأجنبية.

 ما القصة؟

في الوقت الذي يُعتبر الشاي هو المشروب الأول في مصر والأكثر استهلاكا، تعتمد مصر بالأساس على استيراده، وبالأخص من كينيا التي تسد 90 % من احتياج السوق المصري. وقد بلغت حصيلة استيراد مصر من الشاي الكيني في عام 2022 نحو 272 مليون دولار، مع العلم بأن السوق المحلي يشهد منذ عامين تقريبا أزمة في الشاي حيث ترتفع الأسعار بشكل جنوني، فقد ارتفع سعر شاي العروسة وهو الأكثر تداولا في السوق أربع مرات خلال عام 2023، وبلغ سعر الكرتونة في الارتفاع الأخير نحو 2340 جنيها بدلا من 2076 جنيها ليصل سعر كيلو الشاي إلى 210 جنيه.

الملفت أنه رغم وعود السلطة بحل أزمة الدولار قريبا لتصبح جزءا من الماضي كما جاء على لسان السيسي نفسه، إلا أن الواقع هو أن الدولة عاجزة عن تأمين دولارات لشراء احتياجات المواطنين، وبالتالي لجأت للمقايضة.

لماذا لا نزرع الشاي؟

تعلل وزارة الزراعة عدم زراعة الشاي في مصر باحتياجه لتربة حمضية بينما التربة لدينا قلوية، وهو ما يقول عدد من خبراء الزراعة بعدم استحالته، ففي تسعينيات القرن الماضي كانت هناك تجربة ناجحة لزراعة الشاي في مصر، حيث جلب الدكتور مصطفى خاطر شتائل الشاي من الخارج وبدأ عمل تجارب لزراعته في إبشواي بالفيوم تحت إشراف وزارة الزراعة، وفي عام 2002 أرسل عينات من نبتة الشاي لفحصها وكانت النتيجة جيدة جدا، والعجيب أن الدولة أوقفت تمويل المشروع وأجبرته على اقتلاع المحصول قبل حصاده، وقيل إن السبب هو الرغبة في تجنب إثارة مشاكل مع بعض الدول، وأنها مسألة أمن قومي. والسؤال البديهي أن كانت زراعة الشاي ممكنة لماذا لا تعمل الحكومة على تمويل الباحثين لبحث أفضل السبل لزراعته لسد العجز وتوفير ملايين الدولارات خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة الحالية.

المقايضة شعار المرحلة

تسعى مصر حاليا للتوسع في نظام المقايضة مع دول أخرى غير كينيا، مثل روسيا وتركيا والهند وبعض الدول الأفريقية، وتدرس الحكومة المقترح مع البنك المركزي باعتباره المسؤول عن ضبط عملية التنفيذ الفعلي، ثم بعد الاتفاق مع البنك المركزي تعرض الحكومة المصرية الصفقة على الدول الأخرى التي من جانبها يحق لها أن تقبل أو ترفض وفق أولوياتها واحتياجاتها.

يعد التوسع في تطبيق فكرة المقايضة مع أكثر من دولة بمثابة اعتراف ضمني من الحكومة بفشلها في إدارة الملف الاقتصادي ويأسها تحقيق من إصلاح اقتصادي حقيقي وتوفير الدولار في وقت قريب، فلجأت إلى أفكار قديمة لتأمين حاجاتها الأساسية، وهو ما يطرح سؤالا جوهريا، فهل تجد مصر ما تقايض عليه في ظل تدهور القطاع الزراعي والصناعي بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية؟

شاركنا تقيمك لمقترح الحكومة بتفعيل نظام المقايضة لحل أزمة الشاي والسلع الأخرى.

 

أضف تعليقك
شارك