كيف تساهم سياسة البنك المركزي في زيادة أسعار الدولار أمام الجنيه؟

 

قرر البنك المركزي في منتصف شهر أكتوبر الماضي وقف استخدام “بطاقات الخصم المباشر” للشراء بالعملة الأجنبية داخل وخارج مصر، وبعدها بأيام قرر أيضاً وضع حدود لاستخدام “بطاقات الائتمان” بالعملة الأجنبية إلى 250 دولاراً شهرياً، وحث المواطنين الراغبين في السفر للخارج على تقديم مستندات السفر إلى البنوك لتفعيل البطاقات حال الرغبة باستخدامها في الخارج.

جاء قرار البنك المركزي في وقت تعاني فيه مصر من شُح العملة الصعبة، ما جعلها تجد صعوبة في تدبير التزاماتها وتوفيرها لاستيراد السلع الأساسية، بالإضافة إلى أعباء الديون المستحقة خلال الشهور القليلة الماضية. وقد تسبب قرار البنك المركزي في حدوث قلق في السوق، وأثار الشكوك حول تأزم الوضع واقتراب تخفيض قيمة الجنيه المصري مجددا، وهو ما ساهم في حدوث إقبال شديد على شراء الدولار من السوق السوداء ليرتفع سعره من 40 جنيها إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة تراوح ما بين 47 و51 جنيهاً للدولار الواحد في نفس الوقت الذي تجمد فيه سعر الصرف الرسمي عند 30.9 جنيهاً. والمقلق أنه عند تقييم الجنيه مقارنة بسعر الذهب سنجد أن الدولار يسجل نحو 55 جنيهاً.

الآثار السلبية لقرار البنك المركزي

تضررت العديد من القطاعات في مصر بسبب قرار البنك المركزي بوقف استخدام البطاقات في الدفع بالعملة الصعبة، فعلى سبيل المثال، إن قطاع التجارة الإلكترونية الذي يسيطر على حصة كبيرة من السوق المحلي، والذي يعتمد العاملون فيه على الإعلان والترويج عن المنتجات والخدمات التي يقدمونها من خلال منصات التواصل الاجتماعي، قد توقفت أعمالهم بسبب إيقاف الدفع بالدولار بواسطة البطاقات. كما تضرر قطاع التكنولوجيا لاعتماد الشركات في عمليات السداد أو الشراء على بطاقات الدفع فضلا عن تضرر ملايين المسافرين سنوياً بغرض الحج أو العمرة أو بغرض الدراسة والعلاج والسياحة في الخارج، وأصبح من المستحيل على هذه الفئة الضخمة الحصول على عملة أجنبية من البنوك لتلبية احتياجاتهم، ولم يعد أمامهم سوى الذهاب إلى السوق السوداء وشراء الدولار بسعر مرتفع.

أسباب ارتفاع الدولار في السوق السوداء:
  • طلب الأشخاص والشركات:  

إن قرار البنك المركزي من بين أهم أسباب ارتفاع الدولار، حيث دفع الأشخاص والشركات إلى اللجوء للسوق السوداء للحصول على العملة الخضراء من أجل تيسير أعمالهم أو تلبية احتياجاتهم، وهو ما تسب في انخفاض الجنيه إلى مستويات متدنية وغير مسبوقة.

  • التحوط والمضاربة:

 تعيش مصر أزمة اقتصادية عميقة مع ارتفاع التضخم واستمرار الجنيه في الانخفاض، وتخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد، وعدم اليقين بشأن مستقبل الجنيه، لذا يندفع الأفراد إلى اكتناز الدولار من أجل التحوط من أي انخفاض قادم، كما تتجه قطاعات واسعة إلى المضاربة على السعر المستقبلي للجنيه بهدف تحقيق الأرباح مما يزيد من شح العملة الأجنبية، ويضعف الجنيه بصورة أكبر في السوق السوداء.

  • شراء الحكومة للعملة الصعبة

تعاملات السوق السوداء للعملة الصعبة لا تقتصر على الأفراد والشركات فقط، إذ تلجأ الحكومة إلى شراء مبالغ ضخمة من العملة الصعبة من السوق السوداء من أجل تلبية التزاماتها من الدولار، وتدبير مبالغ مالية لاستيراد السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والوقود، ولسداد أقساط الديون، في ظل محدودية موارد الدولة من العملات الأجنبية، وتقلص تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي أصبحت تذهب نسبة كبيرة منها إلى السوق السوداء، ما يدفع الدولة للذهاب نحو الشوارع الخلفية وشراء العملة بأسعار مرتفعة.

أضف تعليقك
شارك