الاعتقال جزاء لمن يدعم فلسطين

في الثامن عشر من أكتوبر 2023، عقد السيسي مؤتمرًا صحفيًا مع نظيره المستشار الألماني “أولاف شولتز” على ضوء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وخلاله صرح السيسي بأن “ملايين المصريين سيستجيبون له حال دعاهم لرفض فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء”. وهو التصريح الذي اعتبره حزب “مستقبل وطن” ونواب في البرلمان إشارة من الدولة لدعوة الشعب للخروج إلى الميادين لتفويض الرئيس كي يتصرف وفقًا لما تقتضيه مصلحة الأمن القومي المصري.

وفي الجمعة التالية نظم “حزب مستقبل وطن” مظاهرات في الميادين الرئيسية باستثناء ميدان التحرير، فيما حدثت مظاهرات عفوية في ميادين أخرى تحت عنوان “لا تفويض، ولا تهجير” وأبرزها مظاهرة خرجت من مسجد “مصطفى محمود” بالمهندسين ونجحت في الوصول إلى “ميدان التحرير” بعد أن تجاوزت الكردون الأمني.

استعادة “التحرير”

لم تعرف ميادين مصر في عهد الرئيس الحالي الكثير من المظاهرات الحاشدة في الميادين العامة خاصة ميدان التحرير بعيدا عن تنظيم الحكومة، وذلك في ظل قرار سيادي بتلافي عقد تجمعات كبيرة، ولذا بمجرد دخول المتظاهرين إلى ميدان التحرير دعما لغزة، قام أفراد الأمن بمطارة المتظاهرين والقبض على العشرات منهم وفق ما سجلته كاميرات فيديو البث المباشر التي كانت تنقل الحدث.

لم يكن ميدان التحرير هو الموقع الوحيد لتجمع المظاهرات المؤيدة لفلسطين وغير المُفوضة السيسي، ففي الإسكندرية ألقي القبض على 56 متظاهرًا، وبنهاية اليوم أفرج عن بعضهم فيما وجهت اتهامات لنحو 14 مواطنًا بالانضمام إلى جماعة محظورة، وهي تهمة فضفاضة تطال كل من يعارض توجهات الحكومة ومواقفها.
رغم أن وزارة الداخلية لم تُعلن القبض على المتظاهرين وفض التظاهرات بشكل رسمي، إلا أن “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” استطاعت من خلال عدد من المحامين المُوكلين للدفاع عن المُتظاهرين الذين اُعتقلوا، أن توثق اعتقال 42 مواطنًا على الأقل في القاهرة والإسكندرية، من بينهم 28 شخصا في القاهرة أصدرت النيابة قرارًا بالتحفظ عليهم وفقًا للمادة 40 من قانون الإرهاب. وقد واجه المتهمون العديد من الاتهامات الفرعية من قانون الإرهاب مثل “استعمال القوة للاعتداء على موظف عام، وإتلاف الممتلكات العامة باستخدام القوة”.

مراهقون في غياهب السجن

لم تكتف الشرطة بالقبض على المتظاهرين من الميادين العامة، فمن خلال مراجعة فيديوهات البث التي نقلت المظاهرات، ومراجعة الكاميرات التي تطوق الشوارع الجانبية للميادين التي شهدت المظاهرات، ألقت الشرطة القبض على 11 متظاهرًا من منازلهم وفقًا لما أعلنه المحامي “خالد علي”.
ومن لم تطله أيادي الشرطة بالاعتقال، طالته أيادي “البلطجية” الذين اعتدوا على المتظاهرين بمن فيهم من سيدات وأطفال وفقًا لشهادات بعض الذين تظاهروا ووثقوا الحدث عبر تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

 إن أغلب من قُبض عليهم وفقًا للمحامي “محمد رضوان” هم شباب صغار بين سن 18 و20 عاما من غير المُسيسين، والذين انتفضوا لنصرة ودعم أهل غزة ضد العدوان الصهيوني، فإذا بهم يواجهون تهمة الانضمام لجماعة إرهابية في عهد الجمهورية الجديدة! فلمصلحة من يحدث ذلك؟

شاركنا رأيك بخصوص اعتقال المتظاهرين دعما لغزة في مصر.

 

أضف تعليقك
شارك