يبلغ متوسط استهلاك المواطن المصري من الدقيق سنويًا 182 كيلو جرام في حين يبلغ المتوسط العالمي 69 كيلو، بحسب إبراهيم عشماوي مساعد وزير التموين، وهو ما يوضح أهمية الخبز ضمن سلة الغذاء المصرية.
يلعب الخبز السياحي بأنواعه (بلدي- شامي- فينو) دورا هاما في إسناد منافذ بيع الخبز المدعم الذي لا يكفي أحيانا لاستهلاك الأسرة اليومي، كما يمثل بديلا لبعض الأسر التي تعزف عن شراء الخبز المدعم بسبب رداءة جودته. لكن في ظل موجات التعويم المتتالية للجنيه، تعرض الخبز السياحي لارتفاعات أسعار كبيرة دون حسيب أو رقيب مما أثر على حياة المواطنين، وكشف عن قصور آخر للحكومة في تأدية دورها تجاه المواطن.
دور الحكومة
في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية ارتفع سعر طن الدقيق السياحي من 7000 جنيه إلى 12000 جنيه ثم وصل سعره في السوق حاليا إلى 21000 جنيه، وفي مواجهة ذلك أعلنت الحكومة المصرية فرض تسعيرة إجبارية للخبز المباع خارج نظام الدعم مقابل مد منتجيه بدقيق منخفض السعر عن مثيله في السوق.
حددت الحكومة سعر رغيف الخبز السياحي بحسب وزنه،ليكون أقصى سعر للرغيف جنيها واحدا (80 جم للخبز الفينو و90 جم للخبز المميز)، وأضاف وزير التموين أن غير الملتزمين بتلك التسعيرة سيتعرضون لغرامات تبلغ 10 آلاف جنيه، وهو ما لم يحدث على كل حال، لكن الأدهى أن الحكومة لم تلتزم بخطتها لبيع دقيق منخفض السعر لأصحاب المخابز، وهو ما أسفر عن إلغاء الخطة برمتها بعد إعلانها بثلاثة أشهر، ليصبح سعر الخبز السياحي بل ووزنه يُحدد بشكل جزافي يتفاوت بحسب تقديرات أصحاب المخابز من منطقة لأخرى.
من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟
لئن كان غلاء سعر الخبز السياحي سببه في بعض الأحيان عدم التزام أصحاب المخابز الخاصة بسعر محدد وثابت، إلا أن هذا لا يعني أنهم المتسببون في نهب جيوب المواطنين بزيادة سعر الرغيف، فقد أغلقت العديد من المخابز أبوابها بسبب غلاء أسعار الدقيق، وعزوف المواطنين عن الشراء في ظل الغلاء المستفحل. كما تواجه أيضًا المخابز مشكلة الرفع المتكرر لأسعار السولار والغاز، واللذان يُستخدمان في تشغيل المخابز.
غلاء مضاعف
إن الغلاء يؤثر أيضًا على جانب آخر من حياة المواطنين، فمن جهة لم يعد عائل الأسرة قادرا على توفير الخبز السياحي بشكل كبير، بل قرر البعض منهم الاستغناء عنه نهائيًا لصالح الخبز المدعم، لكن الخبز السياحي لا يمكن الاستغناء عنه من طرف أصحاب عربات الأكل مثل عربات الفول أو الكبدة والسجق وغيرها من المطاعم التي تستخدم الخبز السياحي في الوجبات التي تقدمها لروادها.
ولهذا السبب يعاني العمال والموظفون الذين يضطرون إلى تناول وجبة أو وجبتين من غذائهم يوميًا خارج المنزل من زيادة أسعار الطعام، حيث ترتفع أسعار الوجبات مع زيادة سعر الخبز السياحي، في مقابل عدم زيادة في الأجور.
وفي مواجهة الغلاء المتكرر لسعر رغيف الخبز السياحي وعدم توافر قمح بأسعار جيدة للمخابز السياحية، نجد أن دور الحكومة يقتصر على إطلاق تصريحات تعبر عن غضب المسئولين واتهامهم لأصحاب المخابز بسرقة المواطنين!