تعد إذاعة القرآن الكريم منذ تأسيسها إحدى أكثر الإذاعات انتشارا بين الجمهور، فلم تتراجع مكانتها بمرور السنوات في ظل حفاظها على طابعها التقليدي الذي جعلها حاضرة دائمًا في كل بيت ومحل وسيارة للاستماع إلى تلاوات كبار القراء من أمثال الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ محمد صديق المنشاوي، والشيخ الحصري، وغيرهم. لكن مؤخرًا، تحولت تلك الميزة إلى نقمة تكاد تشوه ذلك الجو الروحاني الصافي الذي تعود عليه مستمعو الإذاعة في أنحاء الوطن العربي، وهو ما أثار حالة من الجدل.
التحول إلى إذاعة الوزير
وزير الأوقاف “محمد مختار جمعة” هو الوزير الوحيد المستمر في منصبه منذ عام 2013، وهو أيضا وزير الأوقاف الوحيد في تاريخ الإذاعة الذي حظي ببرنامج ثابت بشكل يومي، بل بأربعة برامج، بمعنى أدق، حيث يبُث برنامجه أربعة مرات على مدار اليوم. وذلك في ظل فرض وزارة الأوقاف لهيمنتها على إذاعة القرآن الكريم التي تتبع إداريا الهيئة الوطنية للإعلام.
يطل مختار جمعة على المواطنين في العديد من الفقرات مثل “خاطرة دعوية – في رحاب القرآن الكريم” منذ عام 2020، في عهد رئاسة “محمد نوار” لإذاعة القرآن، قبل أن يتولى نوار لاحقا رئاسة إذاعات الأغاني الأربعة التابعة لراديو النيل، مع العلم أن تعيينه رئيسًا لإذاعة القرآن كان غريبًا، حيث اقتصرت خبرته الإذاعية على العمل كمراسل في وزارة الداخلية وفي رئاسة الجمهورية، ومقٌدما لبرنامج خاص بوزارة الداخلية في إذاعة صوت العرب.
بغض النظر عن الشكاوى العديدة من لثغات “جمعة” وصوته المُنفر، وزلاته العديدة في خطبه وكلماته، فقد كان الهدف المُعلن من برامجه المتعددة هو تجديد الخطاب الديني، ولكن ذهب جمعة بتلك المهمة إلى أبعد من مناقشة القضايا الدينية التي تهم المسلمين في العصر الحالي، فكثيرًا ما يتحدث عن فضل مصر القديمة والفراعنة على العالم في مجالات الطب والقانون وغيرها، وهذا كلام حتى في حال صحته، فبالتأكيد ليس موضعه إذاعة القرآن الكريم.
إذاعة للإعلانات
الحملات الإعلامية والفقرات الإعلانية من أحد أهم المشوشات المستحدثة في إذاعة القرآن الكريم، فبعد خفوت حضور الراديو، باستثناء إذاعة القرآن، وتكثيف الحكومة لفرض الضرائب، بدأت الحملات الإعلامية بشكل عام تركز على أهمية الضرائب وشرعيتها والتأمين ضد حوادث السكك الحديدية وخطورة الهجرة غير الشرعية، فضلا عن حملات أخرى تركز على ختان الإناث وزواج القاصرات.
عرفت الإعلانات طريقها إلى إذاعة القرآن الكريم منذ عام 2014 حين أرسل القطاع الاقتصادي باتحاد الإذاعة والتليفزيون مقترحا ببث الإعلانات في الإذاعة استجابة لرغبات العديد من المعلنين الراغبين في استغلال استماع نحو 40 مليون مواطن للإذاعة- يصل العدد في شهر رمضان إلى 70 مليون مواطن- في نشر إعلاناتهم، وهي الدعوة التي تمت تسببت لاحقا فيما يعاني منه المستمعون حاليا من اقتطاع الكثير من وقت البث لصالح الإعلانات التي تجلب بحسب رئيس الإذاعة السابق محمد نوار 25 مليون جنيهًا سنويا من مؤسسات خيرية مثل دور الأيتام وجمعية مصر الخير.
الملفت أن إذاعة القرآن الكريم لا تعاني من أزمة تمويل فقد تأسست في عام 1965 كإذاعة “خدمية” وليست إذاعة “تجارية”. وإن ظاهرة كثرة الإعلانات بجوار تعدد دروس مختار جمعة، تجعل الإذاعة تفقد بريقها وجمهورها الذي بدأ يستعيض عنها بقنوات ومواقع على الإنترنت تقدم تلاوات للقرآن الكريم بدون منغصات.
شاركنا رأيك بخصوص ما تقدمه إذاعة القرآن الكريم حاليا، ومدى حرصك على الاستماع لها.