يعمل معظم العمال في مصر في وظائف غير رسمية، تصل وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية إلى نسبة 62.5% من العمال. وهي نسبة مرتفعة جداً. ويبرز العمل غير الرسمي وفق عدة صور من بينها: العمل دون تعاقد قانوني أو تغطية تأمينية أو العمل بصفة رسمية ولكن بعقود مؤقتة أو العمل في مهن ذات طابع مؤقت مثل أعمال البناء والأنشطة الخدمية.
من يعمل إذا بشكل غير رسمي؟!
تشير دراسة أجرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن 23% من المنخرطين في سوق العمل هم من العمالة غير رسمية في القطاع الخاص ممن يعملون في قطاعات المقاولات والنقل والمخازن وغيرها من الأعمال التي تستوجب العمل خارج المنشآت، و16% عمالة غير رسمية في القطاع الخاص داخل المنشآت، و11% عمالة غير رسمية تعمل داخل المنشآت بدون أجر ثابت (مثلما يحدث على مستوى العائلات) و13% عمالة غير رسمية خارج المنشآت بدون أجر ثابت (مثل عاملات المنازل). ويمكن من خلال تلك النسب والتقسيمات فهم طبيعة العمل غير الرسمي في مصر وتحديده، وبطبيعة الحال تحديد مخاطره والمشاكل التي تواجهه.
أضرار اجتماعية واقتصادية!
يؤثر العمل غير الرسمي بشكل عميق على عدة جوانب بما في ذلك على العمال أنفسهم واقتصاد الدولة أيضاً. حيث يتضرر العمال غير الرسميين من محدودية الحماية الاجتماعية بالإضافة إلى تدني الدخل الفردي وعدم ثباته وهو ما ظهر جلياً أثناء جائحة كورونا في مصر، حيث تضرر عدد كبير من العمال جراء الأزمة بسبب عقودهم المؤقتة وموسمية العمل، وعدم التزام أصحاب العمل تجاههم بأي ضمان اجتماعي أو صحي، وافتقادهم إلى الامتيازات الناتجة عن طول فترة الخدم أو المعاش عند التقاعد، فضلا عن الظروف الصعبة المحيطة بطبيعة العمل وظروفه.
وتشير دراسة أجراها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء على عينة محدودة من العاملين أن 26.2 من العينة توقفوا عن العمل خلال الأشهر التي تلت الجائحة. أما على مستوى اقتصاد الدولة فإن العمل غير الرسمي الذي يتوزع في قطاعات صغيرة وكثيفة العمالة يعوق الإنتاج والنمو الاقتصادي.
قانون هش وعمالة تزيد!
في عام 2003 صدر قانون العمل رقم 12 بهدف تحسين أوضاع العمال في مصر، ومحاولة الحد من عدم الرسمية في سوق العمل عبر تبني تشريعات مرنة تتيح المجال للتخلص من العمالة غير المرغوب فيها، وتشجع على توقيع عقود رسمية مع العاملين.
لكن القانون المذكور حقق تأثيرا محدودا للغاية، إذ زادت العقود الرسمية بنسبة 2-3% فقط بين الأعوام 1998 و2018. بالإضافة إلى أن القانون أظهر نوعاً جديداً حينها من العمالة غير الرسمية عبر العقود الرسمية المؤقتة، حيث يتم إبرام اتفاق وعقد بين العامل وصاحب العمل لكن بشكل مؤقت، وهو ما يجعل التجديد كل عام بيد صاحب العمل فقط. كما أنه حرم العامل من العلاوة السنوية البالغة 7%. وبالتالي وقع العامل فريسة للتضخم الاقتصادي الذي يلتهم راتبه المحدود، مما يجعل فرص الخروج من دائرة الفقر أقرب للحلم منه للحقيقة.
شاركنا رأيك: ما الحلول المقترحة لتحسين وضع العمالة غير الرسمية في مصر؟