تهدّم أكثر من 100 مبنى تاريخي في الإسكندرية منذ 2011 حتى الآن. إذ بات المنتفعون يبحثون عن ثغرات في قانون حماية التراث بهدف هدم المنازل القديمة وبناء أبراج سكنية مكانها للاستفادة من ارتفاع قيمة الأرض والعقارات في الإسكندرية جراء الزحف السكاني والازدحام فضلا عن ازدياد أسعار المحلات التجارية. إن تلك المباني المهدمة كانت ذات قيمة فنية وتراثية عالية، وساهمت في رسم هوية بصرية ارتبطت بالإسكندرية من خلال تفاصيلها الفنية والمعمارية المتميزة والمتفردة.
لقد احتوت مدينة الإسكندرية وبالأخص في أحياء مثل كفر عبده على مجموعة ضخمة من المباني التراثية التي يرجع تاريخها إلى القرنين التاسع عشر والعشرين، مثّلت تلك المباني الحالة العالمية التي شهدتها المدينة عبر تاريخها، حيث عاشت فيها جنسيات مختلفة من اليونان وإيطاليا وغيرها من البلاد ممن أحبوا العيش في مدينة تحمل ثقافة البحر الأبيض المتوسط.
بداية الانهيار
تخضع العديد من المباني التاريخية في الإسكندرية لقانون حماية التراث رغم أنها غير مسجلة أثرياً لعدم مرور 100 سنة على بناء بعضها بالإضافة إلى وجودها ضمن ملكية أفراد. وفي عام 2006 تم تشكيل لجنة فنية لحصر التراث بمدينة الإسكندرية، وأعدت تلك اللجنة قائمة تحتوي على 1135 مبنى تراثي تم حظر هدمهم. الغريب أن تلك اللجنة استبعدت 477 مبنى تراثياً سبق حصرهم في قائمة عام 1999. ومن هنا بدأت قصة هدم تلك المباني التراثية.
عادة ما توضع خطة ممنهجة لرفع تلك المباني من قائمة التراث في المدن المصرية عن طريق تخريبها المتعمد وهدم بعض الأجزاء فيها من طرف المنتفعين بها. ثم تأتي لجنة لتعاين الموقع، وترى أن المبنى لم يعد مهماً لدرجة تجعله على قائمة التراث، وإثر ذلك يصدر حكم قضائي يصدق عليه وزير الإسكان بإزالة المبنى من قائمة التراث، ويصبح من حق صاحب العقار التصرف فيه كيفما يشاء.
ينطبق هذا الوضع على عدد كبير من المباني التراثية في القاهرة والإسكندرية وبعض المدن الأخرى في مصر. ومن بين المباني التراثية التي تعرضت للهدم في الإسكندرية على سبيل المثال، مبنى راقودة المعماري ومقهى نيو كريستال، فضلاً عن فيلل جوستاف أجيون وأمبرون التي صممها المهندس المعماري الشهير بيل إيبوك.
ما واجب الدولة تجاه تلك المباني؟
تقع مسؤولية الحفاظ على المباني التاريخية على عاتق الدولة قانونيا ثم على المجتمع. لكن يلجأ أصحاب تلك المباني إلى بيعها أو هدمها بسبب تلقيهم عروضا مالية كبيرة من أجلها البناء مكانها. ومن المفترض أن تضم الدولة تلك المباني إلى ملكيتها من خلال شرائها من أصحابها ثم ترميمها وطرحها مرة أخرى للمنفعة العامة عن طريق تحويلها إلى متاحف أو مكتبات ثقافية أو مقرات لتعليم بعض الحرف التراثية والتقليدية في تلك المناطق. وهذا في حال رغبة صاحب المنشأة نفسه في بيعها، وإن لم يكن يريد، فيجب على الدولة أن تطرح عليه المساعدة في عملية ترميمها، حيث يعاني العديد ممن لا يفضلون بيع المنشآت التراثية الخاصة بهم من تعقيد عملية ترميمها أو تجديدها بسبب القانون المتزمت الذي ينص على عدم التدخل في مكونات أي مبنى تراثي.
ما رأيك: في هدم المباني التراثية؟ وهل لديك مقترحات للاحتفاظ بها؟