إسرائيل تضغط على مصر بملف الغاز

عادت أزمة انقطاع الكهرباء مجددا بشكل أعنف، وذلك رغم الوعود الحكومية بانتهاء سياسة تخفيف الأحمال لمدة ساعة يوميا بحلول نهاية سبتمبر مع انخفاض درجات الحرارة، حيث أعلن مجلس الوزراء أن الانقطاعات ستستمر لمدة ساعتين يوميا، بينما عمليا تشهد بعض المناطق مثل جزيرة الوراق بالقاهرة ومحافظة الإسكندرية انقطاعات تصل لأربع بأكملها.

سبب الأزمة

إن سبب الانقطاعات الحالية لا يعود إلى نقص في القدرة على توليد الكهرباء إذ لدى مصر عدد كبير من المحطات لديها قدرات إنتاجية تزيد بنحو 13 جيجا عن الحد الأقصى من الاستهلاك. ولا يعود إلى عجز طارئ في المازوت الذي أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في نهاية يوليو الماضي أن مصر ستستورد شحنات إضافية منه حتى نهاية أغسطس بتكلفة تصل إلى 300 مليون دولار لتغطية الاحتياج، ولكن تعود إلى قرار شركة شيفرون الأمريكية بإغلاق حقل غاز تمار الإسرائيلي، وقرار تل أبيب بوقف تشغيل خط أنابيب غاز شرق المتوسط بين إسرائيل ومصر واستخدام خط أنابيب الغاز العربي الذي يمر عبر الأردن بدلا منه بعد اندلاع الحرب على غزة.

إن قرار الشركة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية انعكس فورا على السوق المصري، فبحسب بيان للمستشار سامح الخشن المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء فقد انخفضت كميات الغاز الموردة من خارج مصر من 800 مليون قدم مكعب غاز يوميا إلى صفر، وتلك هي الكمية التي تستوردها مصر من إسرائيل.

إن قرار وقف نقل الغاز الإسرائيلي على مصر تزامن مع الضغوط الأمريكية على القاهرة للقبول بتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، وهي الضغوط التي رفضها مجلس الأمن القومي المصري في بيان أعرب خلاله عن استهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.

التداعيات

إن قرار تصفير صادرات الغاز من إسرائيل إلى مصر، والذي هو غاز فلسطيني منهوب بالأصل، لم تقتصر تداعياته على نقص الغاز بمحطات الكهرباء مما أدى إلى انقطاع الكهرباء بالساعات، إنما أدى أيضا إلى تصفير صادرات الغاز المصرية من محطتي الإسالة في إدكو ودمياط، وهو ما يحول بين مصر وعائدات تصدير الغاز إلى أوروبا، ويضيع إيرادات بالعملة الأجنبية تحتاج إليها مصر بشدة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها.

الخطيئة الكبرى

إن الخطيئة الكبرى تتمثل في ربط أمن الطاقة المصري بإسرائيل، وهو الربط الذي عبر عنه السيسي منتشيا قائلا في عام 2018 “جبنا جون يا مصريين في موضوع الغاز”، بينما الحقيقة أنه رهن الأمن القومي المصري للابتزازات الإسرائيلية، والواقع كشف أنه سرعان ما لجأت تل أبيب لاستخدام تلك الورقة للضغط على مصر عند أول خلاف.

آنذاك زعمت الحكومة المصرية أن الغاز المستورد من إسرائيل سيخصص للإسالة والتصدير، ولكن مع انخفاض حجم الغاز المنتج محليا في مصر، وبالأخص من حقل “ظهر”، والذي تسبب تسريع إنتاج الغاز منه في 28 شهرا بدلا من فترة تتراوح من 6 إلى 8 سنوات في حدوث مشاكل تشغيلية مما قل إنتاجه ليصل حاليا إلى 2.3 مليار قدم مكعب يوميًا بدلا من الإنتاج المفترض البالغ 3.2 مليار قدم مكعب يوميًا، تسبب ذلك في تحويل الغاز المستورد إلى السوق المحلي، وهو ما قوض الحلم بتحويل مصر إلى منصة تصدير غاز رئيسية في البحر المتوسط.

إن المسؤول عن الأزمة الحالية، هو من سارع إلى عقد اتفاقيات شراء غاز من إسرائيل بعقود طويلة الأجل دون مراعاة لخطورة ذلك على الأمن القومي لمصر، فالدول تعتمد في أمنها للطاقة على دول صديقة أو محايدة. ولا يعتمد على خصمه التاريخي سوى فاقد للعقل أو خائن للأمانة. وفي النهاية الشعب هو الذي يدفع الثمن.

 شاركنا تجربتك حول معدل انقطاع الكهرباء في مدينتك. 

 

 

 

 

أضف تعليقك
شارك