المصريون يطلبون الهجرة ولو في المكسيك!

 

عادة ما تشكلت الجالية المصرية في الولايات المتحدة الأمريكية من مهاجرين شرعيين وصلوا إلى “أرض الحلم الأمريكي” عبر بوابات المطارات انطلاقا من مطار القاهرة، وكان ذلك بديهيًا بسبب البُعد الجغرافي بين البلدين إذ يفصلهما 11 ألف كيلو متر من المحيطات والقارات. ولكن في أغسطس 2023، أعلنت السلطات المكسيكية إنقاذ 137 مهاجرًا غير نظامي من بينهم 129 مصريًا سعوا إلى دخول الأراضي الأمريكية عبر تسلق جدار “تيخوانا” الذي يفصل المكسيك عن الأمريكي، وقد ألقى هذا الخبر الضوء على وسيلة جديدة يلجأ إليها عدد متزايد من المصريين أملا في “حياة كريمة”.

ارتفاع عدد المهاجرين في عهد الجمهورية الجديدة

منذ بداية عهد السيسي تزايد عدد المواطنين المصريين الذي يطمحون إلى مغادرة البلاد وفقًا لتصريحات صدرت من الإتحاد الأوروبي في مارس 2022 حين كشف أن أعداد المصريين المتقدمين بطلبات اللجوء وصلت إلى اعلى مستوياتها منذ عام 2014.

تلتزم القاهرة باتفاقٍ مع الاتحاد الأوروبي حصلت بموجبه على 80 مليون يورو من أجل مساعدة حرس الحدود وخفر السواحل في مصر على الحد من الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط، وهو ما تباهى به رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر “روما” حيث أكد أنه لا يوجد مركب هجرة غير شرعية واحد قد خرج من مصر منذ عام 2016، وهو نفس العام أيضًا الذي طبقت فيه الحكومة المصرية قانونًا يعاقب بالسجن المشدد وغرامة تتراوح بين 200 إلى 500 ألف جنيه مصري لكل من ارتكب جريمة التهريب والاتجار في البشر.

ورغم أن المصريين يلجؤون منذ فترة إلى الهجرة غير النظامية إلى ليبيا من أجل الوصول إلى أوروبا، إلا أن بعضهم بسبب التشديد المشترك بين الإتحاد الأوروبي ودول شمال إفريقيا في ملف الهجرة قرر أن يدق أبواب أمريكا عبر طريق طويل من المخاطر قد تزيد تكلفته المادية عن نصف مليون جنيه مصري. ووفقًا لبعض التقارير الأمريكية، فقد ارتفع عدد المهاجرين غير النظاميين من مصر وشمال إفريقيا عن طريق المكسيك في عامي 2022 و2023 إلى عشرة أضعاف ما كان عليه في السابق.

نصبٌ بالدولار

مؤخرًا، انتشرت جروبات للسفر على “الفيسبوك” يحكي من خلالها العرب ومنهم مصريون طريقة ذهابهم إلى أمريكا عن طريق السفر ترانزيت من دولة إلى أخرى، في الكثير من الحالات يذهب المصريون إلى تركيا ومنها إلى كولومبيا حيث تعد دول أمريكا اللاتينية أهم محطة للوصول. وحين يصل المصري إلى أمريكا اللاتينية يبدأ في التواصل مع المُهربين الذين عرفهم عن طريق الإنترنت، أو عن طريق ترشيح أحد الأقارب الذين سبق لهم الهجرة بنفس الطريقة.

يتفاوت ما يحصل عليه المُهرب وفقًا للطريق من 3000 إلى 5000$ حيث يعبر من كولومبيا إلى السلفادور عن طريق أحد الباصات التي تتجاوز طرقًا وعرة مليئة الأحراش والجبال، ومن السلفادور يستقل المهاجر باصًا آخر يصل به إلى نيكاراجوا مجتازًا نفس الطريق الصعب، وفي نيكاراجوا يستقل المهاجر الباص الأخير إلى المكسيك، والذي يصل به إلى حدود ولاية أريزونا الأمريكية.

ذلك الطريق هو طريق من حالفهم الحظ للوصول بأمان، ولكن هناك قصصًا أخرى عن بعض من انتهى بهم الحال ضحية في أيدي عصابات تجارة الأعضاء أو من تركتهم العصابات في منتصف الطريق كما حدث مع 129 مصري مؤخرا في المكسيك، وهناك من مات من ارتفاع درجة الحرارة في صحراء أريزونا القاحلة، أو على أيدي إحدى الميليشيات الأمريكية اليمينية المُسلحة التي تستهدف المهاجرين عن طريق المكسيك.

سواء وصل المُهاجرون أم لا، فيبقى المغزى من وراء خوضهم لتلك المُغامرة المُكلفة والتي تعرضهم للاستدانة أو إلى بيع كل ما يملكون في مصر قبل الهجرة، هو سؤال يُفترض أن يؤرق الحكومة المصرية:

لماذا يُفضل المصريون الموت حالمين بالهجرة عن البقاء أحياء في بلدهم؟.

 

 

أضف تعليقك
شارك