في 15 أغسطس أعلنت الحكومة المصرية توقيع اتفاق مع الإمارات للحصول على قرض بقيمة 500 مليون دولار لمدة 5 سنوات للمساعدة في شراء القمح، وتشترط الاتفاقية أن يكون الشراء من شركة الظاهرة الإماراتية. وهي المرة الأولى التي تشترط فيها القروض الممنوحة من دول الخليج بشكل أساسي أن تكون المشتريات عبر شركاتها.
ما هي شركة الظاهرة الإماراتية!؟
تُعد شركة الظاهرة الإماراتية إحدى الشركات المملوكة للشركة ” القابضة” التابعة لصندوق أبو ظبي السيادي، وهي إحدى أبرز الشركات العاملة في المجال الزراعي والمتخصصة في إنتاج وبيع الأعلاف والسلع الغذائية الأساسية. وتمتلك الشركة مئات آلاف الأفدنة في مصر حصلت عليهم بمبالغ ضئيلة، وتتمتع بالعديد من الامتيازات من خلال الحصول على المياه والكهرباء بسعر مدعم.
تستحوذ شركة الظاهرة في مصر وحدها على أراضي زراعية بمساحة 143 ألف فدان، تتوزع بين توشكى وشرق العوينات والصالحية والنوبارية. فيما تمتلك شركة الجنان الإماراتية هي الأخرى مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية تصل إلى نحو 153 ألف فدان. وجدير بالذكر أن شركة الظاهرة التي ستبيع لمصر القمح مقابل قرض بالدولار، تزرع في مصر نحو 300 ألف طن من قمح سنوياً في مشروعاتها التي تقع شرق العوينات وتوشكي، بحسب ما كشفت عنه في عام 2014.
الأمن الغذائي للخليج على حساب مصر
تُعاني الدول الخليجية من قلة الموارد المائية، ولتحقيق الأمن الغذائي بدون استنزاف مخزون المياه، تعتمد على الزراعة بالخارج عبر الاستحواذ على أراضي زراعية في الدول التي تمتلك مقومات الزراعة، مثل مصر والسودان وأثيوبيا وصربيا.
تعمل شركة الظاهرة على تلبية احتياجات الأمن الغذائي للإمارات من خلال الاستحواذ على الأراضي الزراعية المصرية بمساحات شاسعة، وتوريد المحاصيل الزراعية إلى دولتها الأم. ويبلغ إجمالي ما تستحوذ عليه شركات الظاهرة والجنان الإماراتيين وشركة الراجحي السعودية نحو 450 ألف فدان من الأراضي الزراعية في مصر، ما يقدر بنسبة 5% من المساحة الزراعية الكلية.
عقد باطل
في عصر مبارك تمكنت شركة الظاهرة من الاستحواذ على ما يقترب من 25% من أراضي مشروع توشكي الذي بلغت مساحته 405 آلاف فدان، وذلك بواقع 100 ألف فدان.
في 2011 حصل المركز المصري على حكم ببطلان العقد الخاص بتملك الشركة لتلك المساحة في توشكي لما شهده من إهدار للمال العام وبيع للأراضي بغير ثمنها الحقيقي، حيث بيع الفدان حينها بمبلغ 50 جنيها بينما بلغ سعر متوسط الأراضي الزراعية في هذا الوقت 11 ألف جنيه. لكن الملف أغلق دون حكم لعدم استكمال التحقيق، واستأنفت الشركة الإماراتية أعمالها.
موارد مصر من حق الشركات الخليجية وحدها
لا تلتزم شركة الظاهرة بالشروط التعاقدية مع الحكومة المصرية، والتي تسمح لها بزراعة نسب 5% من البرسيم الحجازي الذي يستهلك الماء بكثافة، وتقوم بزراعة نحو 25% من إجمالي الزراعات بالبرسيم. ومن أجل توصيل وتوزيع الماء للأراضي الزراعية، تستهلك الظاهرة كميات هائلة من الطاقة الكهربائية المدعومة. بينما تعاني مصر من نقص المياه، ما يدفعها لأن تكون أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث تستورد نحو 12 مليون طن قمح سنوياً بمليارات الدولارات، كما تجبر الحكومة الفلاحين على تقليص مساحة زراعة بعض المحاصيل الاستراتيجية مثل الأرز لأنه عالي الاستهلاك للماء، بينما يعتبره الفلاحون المحصول الأكثر تحقيقاً للربح.
في المقابل، تتمتع الشركات الخليجية بملكية مساحات واسعة من الأراضي الزراعية مقابل جنيهات معدودة، مع السماح لها بحق الحصول على ماء مجاني وكهرباء مدعومة، ومنحها إعفاءات ضريبية، ثم تقوم في النهاية بتصدير هذا الإنتاج إلى الخارج أو بيعه للحكومة المصرية بالسعر العالمي.