الصندوق السيادي: أداة الرئيس للاستيلاء على أصول مصر المالية في الظل

في عام 2018 أسس الرئيس المصري السيسي صندوق مصر السيادي، بعد أن وافق عليه البرلمان، وذلك بهدف إدارة الأصول غير المستغلة، وهو ما تضمن نقل العديد من الأصول التي تملكها مختلف أجهزة الدولة إليه، كي يتمكن من التصرف بها بعيداً عن التعقيدات القانونية والإجرائية، وذلك بحجة تسهيل الاستثمار في هذه الأصول. وقد سمح قانون تأسيس الصندوق لرئيس الجمهورية بنقل اﻷصول المملوكة للدولة إلى ملكية الصندوق، ومنحه حق التصرف فيها كما يشاء.

ما هو الصندوق السيادي؟

تُعد صناديق الثروة السيادية إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها الدول من أجل استثمار مواردها وثرواتها ورفع كفاءة الأصول التي تملكها، وذلك من أجل الحفاظ على حق الأجيال القادمة في الموارد.

وقد كانت دول الخليج سباقة باتباع هذا النهج، الكويت هي أول دولة في العالم تؤسس صندوق ثروة سيادي في عام 1953، بهدف استثمار الفوائض النقدية من القطاع النفطي، وذلك من أجل التحوط من الآثار السلبية الناجمة عن تقلبات أسعار النفط. وتمتلك الدول الخليجية 13 صندوقاً للثروة يشكلون ما يقارب من 40% من إجمالي صناديق الثروة السيادية حول العالم، بثروة تتخطى ثلاث تريليونات دولار.

نلاحظ أن أكبر صناديق الثروة السيادية الموجودة في العالم، هي لدول غنية تتمتع بفوائض واحتياطات مالية ضخمة، وتستهدف تعظيم ثرواتها من خلال الاستثمار في الاقتصادات المتقدمة، مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وبعض دول شرق وجنوب آسيا. وهو ما يختلف مع حالة الصندوق السيادي المصري، الذي يٌعد حالة خاصة في هذا الجانب، فهو لا يملك فوائض مالية ناتجة عن غنى الاقتصاد، ولا يدير الاحتياطات المالية في استثمارات خارج الدولة، ويقتصر نشاطه على ما ينقل إلى ملكيته من أصول مالية قائمة وتديرها الوزارات المختلفة.

تثبت التجربة بعد مرور خمس سنوات على تأسيس الصندوق السيادي المصري أنه لم يلعب دوراً في تعظيم الأصول الهائلة التي يديرها، بل وعلى العكس من ذلك فقد بيعت العديد من الشركات الحكومية الرابحة بأثمان بخسة.

إدارة أصول الدولة بعيداً عن الرقابة

يدير الصندوق السيادي أصولا مالية ضخمة تُقدر بنحو 12 مليار دولار، ويتمتع بموازنة مستقلة، وتتكون موارده من رأس المال واﻷصول المملوكة له، وعائدات الاستثمار التي تحققها هذه الأصول.

وتتكون الموارد التي تقع تحت ملكيته من شركات إنتاجية ومؤسسات خدمية، وبنوك ومباني وأراضي، وحدائق عامة وأماكن أثرية وقطاعات خدمية، كل ذلك تعود ملكيته إلى القطاع العام، ومن المفترض أن هذه الأموال التي تعود في الأصل إلى الشعب لا يحق التصرف فيها خارج التشريعات القانونية وبغير وجود رقابة شعبية وآليات للمحاسبة.

لقد عمل السيسي على أن يقع الصندوق السيادي تحت سلطته بالكامل دون اشتراك من أي جهة أخرى، حيث هو وحده من يختار أعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية، وهو الوحيد الذي تُقدم له التقارير والبيانات المالية الخاصة بالصندوق. في مخالفة واضحة لشروط الشفافية. وكل ذلك بعيداً عن رقابة البرلمان الذي تخاذل عن أداء المهام الذي كلفه بها الدستور، ورفض أعضائه أن تُعرض عليهم القوائم المالية والتقارير السنوية عن نشاط الصندوق وخطته، وفسر حينها رئيس مجلس النواب علي عبد العال ذلك، بأن نشاط الصندوق تنفيذي، وأن مجلس النواب لا يتدخل في الأعمال التنفيذية، وبالتالي لا داع أن تُعرض أنشطته على البرلمان.

مسؤولو الصندوق السيادي يمنحون أنفسهم أرض الحزب الوطني

من ضمن عشرات الصفقات التي قام بها الصندوق، نقل ملكية أرض مقر الحزب الوطني إلى شركتين يضم مجلس إدارتهما مسؤولين بمجلس إدارة الصندوق. فالسيد “عمرو إلهامي ” الذي يتولى منصب المدير التنفيذي في الصندوق الفرعي للسياحة والاستثمار التابع للصندوق السيادي، هو نفسه يتولى منصب رئيس مجلس إدارة الشركتين اللتان أسندت إليهما صفقة أرض مبنى الحزب الوطني. فيما يشغل عضوية مجلس إدارة الشركتين كلاً من عبد الله الإبياري، وإيهاب رزق، عضوي مجلس إدارة الصندوق السيادي.

وكان السيسي قد قرر نقل ملكية أراض مقر الحزب الوطني إلى الصندوق السيادي من أجل تطويره واستثمار الموقع المميز الذي يقع به، والذي يمتد على مساحة 16.6 ألف متر مربع بجوار المتحف المصري في وسط البلد. وهو ما يثير أسئلة حول تضارب المصالح.

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك
شارك