جنون الدولار يقود الدولة إلى أين؟

تعاني الدولة المصرية من نقص حاد في الدولار، وتتفاقم الأزمة بشكل متسارع، ولا توجد مؤشرات حقيقية عن وجود انفراجة قريبة، خصوصا بعد زيادة أعباء الديون وهروب المستثمرين. وفي ظل الأزمة الطاحنة قدمت الحكومة عددا من الحلول العجيبة جعلت فيها المواطن آخر همها، دون تقديم حلول جادة ومستدامة. ومن أبرزها:

 1-أموال مشبوهة

أعلن بنك مصر والبنك الأهلي في يوليو الماضي طرح شهادات دولارية لمدة 3 سنوات بعائد مرتفع يبلغ 9 % يُصرف مقدما بالجنيه المصري عن الفترة كلها بواقع 27% من قيمة الشهادة مع استرداد قيمتها بالدولار بعد 3 سنوات، وعائد 7 % لشهادات أخرى تصرف بالدولار كل ثلاثة شهور، واللافت في الإعلان أن من حق المودع وضع أي مبلغ مهما وصلت قيمته دون أن يسأله أحد عن مصدر تلك الأموال، مما أثار جدلا واسعا في ظل النظر للأمر كمحاولة لتقنين لغسيل الأموال، وشرعنة لتداول الأموال المشبوهة.

بيع الأراضي والعقارات لغير المصريين

 أصدر مجلس الوزراء تعديلا تشريعيا، في يوليو من العام الحالي، يتيح لغير المصريين تملك الأراضي والعقارات داخل البلاد، على أن يتم سداد الثمن بالعملة الصعبة عن طريق التحويل لبنوك مملوكة للدولة. وهي خطوة كانت ترفضها أجهزة الدولة سابقا بحجة الحفاظ على الأمن القومي.

2- التحايل على أموال المصريين بالخارج

  •  أعلنت وزارة الخارجية في يوليو الماضي إطلاق مبادرة تتعلق بتسوية الموقف التجنيدي للمصريين بالخارج، بحيث تبدأ في 14 أغسطس 2023، وتستمر لمدة شهر فقط، مقابل دفع 5000 دولار أو ما يعادله باليورو، ويتم التسديد عبر حساب بنك مصر فرع أبو ظبي، وأشارت الوزارة أنها لن تجدد جوازات سفر المصريين إلا بعد الدفع وتسوية موقفهم التجنيدي لإجبارهم على الدفع.
  •  أطلقت الحكومة منذ عام 2017 مشروع “إسكان مصر”، والذي يتم من خلاله بيع وحدات سكنية وقطع أرض ومقابر بالدولار في محاولة لاستقطاب أموال المغتربين لحل أزمة الدولار، ولكن المشروع لم يلق إقبالا بسبب الأسعار الخرافية، حيث سجل سعر أقل وحدة في دمياط الجديدة نحو 540 دولاراً للمتر و 702 دولار للمتر في الشيخ زايد.

 

  • أعلنت الحكومة، في أكتوبر عام 2022، إمكانية استيراد العاملين بالخارج لسياراتهم الشخصية مقابل دفع قيمة الجمارك والرسوم في شكل ودائع بنكية بالعملة الصعبة يتم استردادها بعد خمس سنوات بسعر صرف الدولار وقت إيداع الوديعة. وللوهلة الأولى تبدو المبادرة جيدة، ولكن مغتربين وصفوها بالمجحفة التي لا تهدف إلا لجمع الدولارات منهم دون تقديم مميزات ملموسة تذكر، ولذا لم تنجح الحكومة في تحقيق هدفها المتمثل في جمع مبلغ يتراوح بين 2.5 إلى 5 مليارات دولار، حيث بلغت قيمة أوامر الدفع بها 900 مليون دولار بينما ما تم تحويله بالفعل بلغ 368 مليون دولار، بحسب محمد معيط وزير المالية.
  • أعلنت وزيرة الهجرة، سها الجندي، في مطلع أغسطس 2023، عن تجهيز وثيقة تأمين للمصريين بالخارج يكون الدفع فيها بالعملة الصعبة، وذلك بهدف التأمين على المصريين في حالة الحوادث والوفاة ونقل الجثامين. فيما أعلنت الحكومة تأسيس شركة استثمارية برأس مال يشارك فيه العاملون بالخارج يقدر بمليار دولار، وهي مبادرات توجد شكوك بشأن تجاوب المغتربين معها. 

أرقام مخيفة

تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية يبلغ 34 مليار من بينهم 28 مليار دولار ودائع خليجية، وذلك مقابل 43 مليار دولار في مطلع عام 2020. كذلك تراجع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك المصرية بمقدار 2.66 مليار دولار في شهر يونيو الماضي ليصل إلى سالب 27.1 مليار دولار. مع العلم بأن صافي الأصول الأجنبية هو الفارق بين ما تمتلكه البنوك والبنك المركزي من أصول وما عليها من التزامات بالعملة الأجنبية لصالح غير المقيمين.

إن سياسات الدولة القائمة على إغراق مصر في بحر من الديون لا آخر له، وإنفاق المليارات على مشروعات قليلة الجدوى هي المتسبب الأساسي لما وصلت إليه البلاد، لكن للأسف بدلا من البحث مع خبراء الاقتصاد عن سبل حقيقية للخروج من الأزمة وتوفير جو آمن يجذب الاستثمارات، نجد الدولة تلجأ إلى الحلول السالف ذكرها. 

شاركنا رأيك: كيف تتوقع مستقبل الدولار أمام الجنيه؟ وهل تستطيع الحكومة عبور الأزمة؟

أضف تعليقك
شارك