في بداية شهر مارس من العام الحالي أعلن السيسي زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، ليصبح 3500 جنيه (نحو 113 دولاراً بسعر الصرف الرسمي) لموظفي الدرجة السادسة، بزيادة تُقدر بقيمة 500 جنيه عن الحد الأدنى السابق، كما أقر زيادة بمبلغ ألف جنيه كحد أدنى للموظفين بالحكومة.
جاء القرار في وقت يُعاني فيه معظم العاملين في القطاع الخاص والعام من تدني الأجور، وذلك بعد موجة عنيفة من تخفيض قيمة العملة جعلت الجنيه المصري يصل إلى أدني قيمة في تاريخه، ليرتفع التضخم إلى مستويات قياسية جعلت أسعار السلع والخدمات تقفز بنسبة تصل إلى 100% خلال عام، ما أدى إلى تآكل الدخل الذي يحصل عليه الموظفون في مصر.
لكن السؤال: هل زادت الأجور بالفعل؟ ولماذا لا ترتفع الأجور مثل الأسعار؟
في الآونة الأخيرة انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار بأكثر من 50% حيث تدهورت من 15 جنيها إلى 31 جنيها، فيما يصل سعره في السوق السوداء إلى 38 جنيهاً لكل دولار، ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي فإن التضخم في أسعار الطعام والمشروبات وصل إلى 61%، بينما وصل في سلع بعينها إلى 320%.
هذا الارتفاع المزمن في الأسعار يدفع المواطن الذي يكابد موجة من الغلاء لم يوجهها من قبل، إلى التعجب من عدم زيادة الأجور بنفس مستويات التضخم وحجم انخفاض الجنيه. فعلى سبيل المثال عندما نعود إلى قيمة الحد الأدنى للأجور في فبراير 2022، سنجد أنه بلغ 2700 جنيه، أي 180 دولاراً (سعر الصرف حينها 15 جنيها). وبعد زيادته مؤخرا في مارس إلى 3500 جنيه، نجد أنه يعادل 113 دولاراً بسعر الصرف الحالي الرسمي، و92 دولارا بسعر السوق السوداء، وهو ما يثبت تآكل القيمة الحقيقية لأجور الموظفين في مواجهة معدلات التضخم، ولم ترتفع مثلما تزعم الدولة.
بداية إضعاف الأجور
في عام 2015 أصدر السيسي حزمة من التشريعات الجديدة تفتح الباب لتسريح العمالة، وأصدر نظاما جديدا للأجور تمكن بواسطته من إيقاف الزيادة المعتادة في معدلات الأجور التي يحصل عليها العاملون بالقطاع العام، مع تجميد العلاوات والحوافز التي تُصرف كنسبة من الأجر الأساسي.
وعلى مدار السنوات التالية تمكنت الدولة من تخفيض معدل نمو ميزانية الأجور سنويا من خلال خفض الأجور وتسريح العاملين عبر نظام المعاش المُبكر، وحظر التوظيف نهائياً، وذلك تنفيذاً لشروط صندوق النقد الدولي من أجل منح مصر ما تحتاجه من قروض.
القطاع الخاص ليس بعيداً عن أزمة تدني الأجور
لم تتضمن قرارات زيادة الحد الأدنى للأجور أي توجيهات برفع أجور العاملين في القطاع الخاص الذين يصل عددهم إلى 20 مليون شخص. لتقتصر الاستفادة من القرار على العاملين في القطاعات الحكومية والهيئات التابعة للدولة.
كذلك لا توجد وسائل لإلزام القطاع الخاص بتطبيق الحد الأدنى، ولا توجد آلية لحماية أجور هذه الفئة الكبيرة من العاملين من موجة الغلاء الطاحنة. ومن المهم الإشارة إلى غياب أي مظلة نقابية تكفل حقوق العاملين الذي يعانون من تقاضي رواتب متدنية ويواجهون خطر التسريح في مواجهة أصحاب العمل. وذلك في ظل غياب تدخل الدولة لصالح هؤلاء الفقراء، وحمايتها لأصحاب الشركات ورجال الأعمال الذين ينجحون في تخطي القوانين، ويتهربون من تطبيق الحد الأدنى للأجور.
شاركنا تجربتك: هل ارتفع راتبك بنفس نسبة ارتفاع الأسعار؟ وهل ترى أنك تتقاضى راتبا عادلا؟