الجيزة 2023: المواطن لا يزال يبحث عن مياه الشرب!

على بعد أمتار من نهر النيل، وبالقرب من المراكز الإدارية والخدميَّة التي تنتمي إلى الحداثة، مثل جامعة القاهرة ومترو الأنفاق والطريق الدائري ومبنى محافظة الجيزة، وليس ببعيد أبداً عن إحدى عجائب الدنيا السبع المدهشة، منطقة الأهرامات، وفي عام 2023؛ لا يزال المواطن في الجيزة يبحث عن قطرة المياه.

مشكلة مزمنة 

بعض الخدمات قد يمكن التكيف مع نقصها أو ضعف أدائها باعتبارها نوعًا من الرفاهيَّة، ولكن ماذا عن المياه؟ هل جربت أن تستيقظ صباحاً لتبدأ يومك باحثًا عن رزقك، فتجد أنَّ الصنبور ومواتير رفع المياه لا يعملان، وأنَّ رصيد المياه في شقتك بالكاد يكفي أغراض الشرب، وقد يكون من الإهدار استخدامه في النظافة والاستحمام؟

هذا ما يعيشه، منذ ما لا يقلّ عن 20 عامًا، وإلى الآن، سكان محافظة الجيزة، إحدى محافظات القاهرة الكبرى، وبالأخصّ في مناطق فيصل والطوابق وكفر طهرمس وصفط اللبن؛ دون أي حلّ نهائي فعَّال، رغم الكثافة السكانية الكبيرة، وأولوية المياه للحياة، وقربهم من المراكز الحضريَّة، وسنوات المعاناة الطويلة.

 

في عام 2015، اضطرَّ سكان منطقة فيصل إلى قطع الطريق الدائري، والاشتباك مع قوَّات الأمن التي هرولت لفتح الطريق الحيوي، احتجاجًا على انقطاع المياه لأكثر من أسبوعين، وفي عام 2018، اقتربت مدد الانقطاع المتواصل من شهر كامل، دونما أي مبالغة.

 يلجأ المواطنون يوميًا في تلك المناطق إلى تخزين المياه في الأوعية البلاستيكيَّة الكبيرة والبراميل، ويتجه بعض الأذكياء إلى عمل “طلمبات” مياه لسحب أي كميات من المياه الجوفيَّة من باطن الأرض لاستخدامها في غير أغراض الشرب، ولا يخلو بيتٌ من مواتير رفع المياه فائقة الجهد والخزَّانات العملاقة على الأسطح وفي البلكونات.

 ومع ذلك؛ فإنَّ المشكلة تمثل أرقًا كبيرًا للسكان، فمن جهة، يرتبط نظامهم اليومي بمواعيد رجوع المياه، والتي لا تتعدى بضع ساعات من الليل إلى الفجر صيفًا، ومن جهة أخرى، فإنَّ بعض الأسر تتجه إلى تخصيص جانب من ميزانيتها الشهريَّة، المضغوطة أصلا، لشراء مياه شرب معبَّأة، خوفًا من خطورة استخدام المياه المخزَّنة في الخزانات والأواني لأيَّام على الصحة العامَّة.

 

ما يزيد الوضع تفاقمًا، أنَّ بعض المشروعات “القومية” التي تنفذها المحافظة، من طرق ووسائل نقل، كثيرًا ما تتسبب في انقطاع المياه، التي بالكاد تأتي، لأيَّام، ما يحول حياة المواطن إلى جحيم.

 المسؤول بريئًا

 في نظر المسؤول، فإنَّ المتسبب الأوَّل في عجز المياه في مناطق الجيزة، كما يقول مديرو شركة مياه الشرب والصرف الصحي، ومن قبلهم مصطفى مدبولي، حينما كان وزيرًا للإسكان هو المواطن نفسه، نظرًا للبناء العشوائي المخالف بشكل مكثف، والذي تسبب في عجز مائي يصل إلى 400 ألف متر مكعب يوميًا.

ورغم الوعود المتكررة من نواب البرلمان عن تلك المناطق، ودعاية المسؤولين التنفيذيين، إلا أن توسعات محطات مياه الشرب الجديدة في جزيرة الدهب والسادس من أكتوبر، لم تنجح في حلّ المشكلة، حتى منتصف 2023، بل، كما يقول مواطنون، إنَّ المياه الضعيفة، تصل في بعض الأحيان، مخلوطة بمياه الصرف الصحّي، ما يحول دون الاستفادة منها في ساعات العمل.

 كما لم تؤد سيطرة الدولة على البناء العشوائي، بموجب قرار وقف البناء المتجدد دوريًا منذ 2020، والتصالح على مخالفات البناء القديمة بموجب قانون التصالح، وإزالة كثيرٍ من الأبراج المخالفة على جانبي الطريق الدائري بتلك المناطق، إلى حلٍّ مرضٍ للمشكلة، حيث يفتخر محافظ الجيزة أحمد راشد، في تصريح لافت له، مارس 2023 بأن نسبة الأماكن المتضررة من إجمالي المحافظة تقلصت لتصل إلى 20% فقط!

شاركنا تجربتك: هل سمعت من قبل عن معاناة سكان الجيزة في الحصول على المياه؟

أضف تعليقك
شارك