لبس العيد.. لمن استطاع إليه سبيلًا

للعام الثاني على التوالي يتأكد لدى غالبية المصريين الذي لا يملكون سوى قوت يومهم -إذا امتلكوه- أن شراء “لبس العيد” أصبح رفاهية لمن يستطيع أن يُرفه بها عن أبناءه.  ففي السنوات الأخيرة عانى المصريون من شراء الملابس خاصة المُستورد منها بسبب انخفاض قيمة الجنيه بشكل متواصل أمام الدولار، ولكن العجز تفاقم تحت وطأة سوء الأحوال الاقتصادية خاصة في العامين الأخيرين.

ابتعد المصريون من محدودي الدخل عن الملابس المستوردة ليعتمدوا على المنتج المحُلي، ولكن المنُتج المحلي قد خذلهم أيضًا في الفترة الأخيرة، لأنه تدخل في صناعته العديد من العوامل المؤثرة في استقرار أسعاره، فالمواد الخام من الأقمشة والماكينات والأزرار وغيرها تستوردها المصانع بالأساس من الخارج، وقد ارتفعت أسعارها مع انخفاض قيمة الجنيه، كما أن كلفة تشغيل المصانع قد ارتفعت هي الأخرى بشكل عام بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء وزيادة رواتب العاملين التي لم تعُد تكفيهم لمواكبة غلاء الأوضاع المعيشية.
يؤكد محمود الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية سوء الوضع، إذ صرح بأن الأسعار قد ارتفعت بنسبة تصل إلى 65%، فيما كشف حسين رشيد عضو شعبة الملابس أن نسب الإقبال على شراء الملابس قد انخفضت بنسبة تصل إلى حوالي 50% عن العام الماضي.

بالة ومُستعمل

تعد الملابس المُستعملة التي تُعرف باسم “البالة” بديلًا مقبولًا يلجأ له محدودو الدخل والطبقة الدنيا من المجتمع كوسيلة لشراء الملابس، فبعد غسل الملابس وكويها يمُكن أن تُقنع لابسها أنها جديدة ولو للبسة واحدة فقط في العيد. ولكن أزمة شح الدولار، وقيود الحكومة على الاستيراد أثرت على سوق البالة التي تعتمد على الاستيراد، وبالتالي ارتفعت أسعارها بنسبة 50%، وأصبحت لا تناسب المواطنين الذين لا ترتفع مرتباتهم مع ارتفاع الأسعار يومًا بعد يوم.


الباعة المتضررون

الضرر لم يقتصر على المواطن الراغب في الشراء، إنما يشمل البائع، خاصة في الأماكن الشعبية في وسط البلد والموسكي والعتبة فيما يُعرف ببائع “الاستاند” الذي يعرض بضاعته من الملابس والأحذية في الشارع على منضدة أعدت خصيصًا للعرض، ولا يملك محلًا وليس لديه راتب ثابت يتقاضاه، وتتوقف حياته على مقدار ما يستطيع بيعه في اليوم الواحد.
هذا ما يؤكده “ماندو” أحد باعة الأحذية بمنطقة سوق التلات، حيث يقول “نحن في وقت موسم، العيد هو الموسم الخاص بنا الذي ننتظره كي نبيع فيه أكثر من الأيام العادية، والمبيعات في العيد هي التي تسد احتياجاتنا لفترة، لكن أصبح الوضع مقتصرا على انتشار التراب على البضاعة في ظل إحجام المواطنين عن الشراء)

 إن الغلاء يدفع المواطنين لتغيير أنماطهم الاستهلاكية، حيث يتجهون للإنفاق على الضروريات، بينما الملابس التي تبلى أو تتمزق فيمكن علاجها بالترقيع والخياطة. وإن هذه حلول يمكن أن يواجه بها المواطن الغلاء، ولكن لا شك أنها تقضي على بهجته بالحياة وتُهلكه نفسيًا، وتمنعه عن تعظيم شعائر العيد، لتصبح الأعياد بمثابة شبح يسعى المواطن للهروب منه.

 

 

أضف تعليقك
شارك