في عام 2016 اعتزمت الدولة تطوير الثروة السمكية في مصر، وزيادة إنتاجها لتنافس عالميا في تلك الصناعة المهمة، لكن تفاجئ المصريون في شهر أبريل من 2017 بارتفاع سعر سمك البلطي من 8-15 جنيهاً للكيلو الواحد ليصل إلى 35 جنيهاً بسعر شبه موحد، فيما زاد إنتاجه بالفعل خلال السنوات الماضية منذ 2016 حتى الآن، لكن لم يتوقف سعره عند هذا الحد حيث وصل سعر الكيلو في بداية 2023 إلى 70 جنيهاً.
لم تكن تخلو مائدة أسرة مصرية من تواجد السمك عليها أسبوعيا خاصة سمك “البلطي” أو “الشبار” بالإضافة إلى سمك البوري، وبالأخص في المحافظات الساحلية التي تعتمد على السمك اعتماداً كبيراً نظراً لتوافره بكثرة فيها، لكن حاليا لم يعد السمك ضمن الطعام الأسبوعي لكثير من الأسر المصرية بعد الغلاء الشديد في سعره؛ فما هي أسباب تلك الأزمة؟
اكتفاء ذاتي .. ونتيجة عكسية
في المفهوم الاقتصادي، توافر المنتج بكثرة يعني سعر أقل ومتباين في السوق، لكن الأمر يختلف مع الأسماك، فمع زيادة إنتاجه في مصر إلى درجة تصل إلى حد الاكتفاء الذاتي بنسبة 90% بناءً على تصريح وزير الزراعة نفسه في سنة 2022 إلا أن سعره زاد بشكل كبير عن المعتاد منذ بدأت الدولة بتطوير الإنتاج حتى الآن.
ترجع جذور المشكلة بشكل رئيسي بناءً على تقارير صحفية وتحليلات اقتصادية إلى إنشاء الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية (التابعة للقوات المسلحة) في عام 2017، إذ كانت مهمتها الرئيسية هي زيادة إنتاج الثروة السمكية في مصر والمنافسة بها عالمياً، أخذت تلك الشركة في السيطرة بشكل شبه احتكاري على البحيرات الرئيسية وأحواض السمك في محافظات كالدقهلية ودمياط وبورسعيد وكفر الشيخ.
حجمت تلك الشركة من دور وزارة الزراعة والجهات المعنية بالثروة السمكية، وباتت تسيطر على القرارات الاقتصادية المتعلقة بإنتاج الثروة السمكية في مصر. حيث فرضت رسوما باهظة على صغار الصيادين والمراكب التي تعمل في البحيرات والبحار، وحجمت من نشاطهم في الصيد، ثم استحدثت رسوم مرور على سيارات السمك في الطرق، بالإضافة إلى زيادة أجرة الأحواض والأراضي التي يستأجرها الصيادون.
يقول الصياد محمد الطوبجي أنه منذ سنة 2017 سيطرت الشركة الوطنية على سوق السمك في بلطيم، وباتت الأسعار محتكرة، وبالتالي أصبح لدى الشركة قدرة على زيادة أسعاره، وهو ما حدث بالفعل في سوق السمك خلال عامي 2016-2017 حيث زاد السعر إلى الضعف تقريباً. فسابقا اعتمد المواطنون على المزارع الخاصة التي كانت تنافس بعضها البعض في الأسعار فضلاً عن التنافس مع الصيادين الذين عملوا بشكل منفرد، لكن لم يعد لهم تواجد الآن في السوق.
تفاقم المشكلة
ظلت مشكلة زيادة أسعار السمك ساكنة فترة طويلة، حتى أواخر 2022 حيث عادت للظهور مع القرارات المتتالية الخاصة بتعويم الجنيه في ظل أزمة نقص الدولار، فازداد سعر الأسماك بشكل كبير جداً مجددا، حيث ارتفع سعر كيلو السمك البلطي من 35 جنيهاً ليصل إلى 70 جنيهاً. لم تكن تلك الزيادة بسبب احتكار السلع مثلما حدث في 2017 بل حدثت بسبب عجز الدولة عن توفير الأعلاف، حيث تعتمد صناعة وإنتاج الأسماك على 70% تقريباً في إنتاجها على الأعلاف المستوردة، فزاد سعر طن العلف من 13 ألف جنيه إلى نحو 25 ألف جنيه في الآونة الأخيرة، ولا زالت الزيادة مستمرة بسبب صعوبة توفير الدولار لانتهاء من إجراءات لتخليص الجمركي. وأصبح المواطن هو أول ضحايا السياسات الحكومية الخاصة بتطوير الثروة السمكية.
شاركنا تجربتك من حيث معدل شراءك للسمك شهريا.