هروب الشركات الناشئة من السوق المصري

خلال العام الأخير خرجت العديد من الشركات من السوق المصري، وعلى رأسها شركات تعمل في مجال التجارة الالكترونية والتكنولوجيا المالية، واتجهت لنقل أعمالها إلى الخليج، وذلك رغم إقرارهم بأن مصر هي أكبر سوق في المنطقة من حيث عدد السكان والاحتياجات، لكن ارتفاع الضرائب وتذبذب قيمة الجنيه والتغير في قوانين الشركات بشكل متكرر أمور جعلت الاستمرار في مصر أمر غير مجدي.

أمثلة ونماذج

في فبراير الماضي، خرجت شركة تابي (Tabby) الإماراتية لخدمات البيع بالتقسيط من مصر بعد خمسة أشهر فقط من عملها، وأعلنت أنها ستحوّل تركيزها نحو الحفاظ على نموها في أسواقها الأساسية مثل الإمارات والسعودية والبحرين والكويت. كما أعلنت شركة (Money Master) المصرية مزود خدمات جمعيات الادخار عبر الإنترنت بدء إجراءات تصفية نشاطها في مصر بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وذلك بعد تأسيسها في عام 2021.

وكذلك أعلنت 3 شركات أخرى نقل مقراتها الرئيسية إلى الرياض، من أبرزهم شركة تاجر المتخصصة في التجارة الإلكترونية، والتي تأسست في مصر سنة 2019، وشركة  (SIDEUP) العاملة بالتجارة الإلكترونية، التي سبق أن حصلت على 1.2 مليون دولار خلال جولة تمويل في العام الماضي. وأخيرا شركة   (Appetito) المصرية لتوصيل طلبات البقالة، حيث اندمجت مع شركة جملتي السعودية في كيان واحد يحمل اسم نومو (Nomu، وأصبح مقر الشركة الرئيسي في الرياض.

لماذا تهرب الشركات إذاً؟

تواجه الشركات في مصر ارتفاعا بشكل مستمر في الضرائب، بجانب استحداث رسوم من الحكومة التي تعاني من عجز ضخم في الموازنة، بينما في تتسم الرسوم والضرائب في الإمارات والسعودية بالاستقرار، فكل شركة تعرف التزاماتها، ومن ثم تضبط ميزانيتها وأسعار خدماتها في ضوء نفقاتها.

كذلك لعب انهيار الجنيه المصري دورا رئيسيا في تخارج شركات البيع بالتقسيط، فمثلاً دخلت شركة تابي السوق المصري حين كان سعر الدولار أقل من 20 جنيهاً، ثم وجدت الشركة أن سعر الدولار تعدى 30 جنيهاً حاليا، وبالتالي تكبدت الشركة خسائر بمقدار الفارق بين السعرين. كما عانت الشركات من القيود التي وضعتها البنوك على توفير الدولار في مصر، في ظل وجود التزامات لدى العديد من الشركات بمصاريف بالدولار في الخارج، وفي المقابل تتمتع الأسواق الخليجية باستقرار عملاتها، وتوافر الدولار دون قيود.

وقد ساهم تآكل القوة الشرائية للمصريين بفعل معدل التضخم الذي تجاوز 40% في فبراير الماضي، في انكماش العديد من الأنشطة الاقتصادية، وعزوف المواطنين عن شراء المستلزمات غير الضرورية.

وأخيرا، فبالرغم من ضبابية المشهد الاقتصادي وعدم قدرة الشركات على التنبؤ بسعر الصرف ولا قرارات الحكومة بخصوص الاستثمار، أطلق صندوق مصر السيادي مع “اتصالات مصر” في يناير الماضي، شركة جديدة للعمل بمجال التكنولوجيا المالية تحت مسمى “إرادة”، وهو ما يضع باقي الشركات العاملة في السوق في منافسة غير عادلة مع الشركة السيادية الجديدة.

وهنا يبرز سؤال، حول دور الحكومة في سن قوانين تحمي مؤسسي الشركات من هذه الاضطرابات وتوفير مناخ مناسب للاستثمار. ألا توجد حلول غير إنشاء الشركات السيادية التي تهيمن على معظم القطاعات؟

أضف تعليقك
شارك