من 5 جنيهات إلى 50 جنيها.. كيف باتت “الهياكل” حلما للمصريين؟

الهياكل، العفشة، سقط الفراخ؛ كلها مترادفات ومسميات مختلفة لنفس الشيء، وهو ما يتبقى من الدجاجة، بعد تقطيع الصدر والأوراك والحواشي، حيث يظل هناك “هيكل” عظمي، به الجناحان والرقبة والرأس وشيء من الوركين.

 قبل عقود، لم تكن تلك الأجزاء، التي يطلق عليها “الهياكل” مطروحة كوجبة للمواطنين، كانت موجودة في الدجاجة، ولكن الدجاجة نفسها كانت تعامل قطعة واحدة، فلم يكن “الفرارجي” يقطع هذا الجزء ليبيعه، ولم يكن المواطن يطلبه. ولكن الحال تغيرت، فأضحى ذلك الجزء مطلبا لمربي الحيوانات الأليفة، وبمرور الوقت وتأثير سياسات الإفقار، لجأت إليها بعض الأسر المتعففة، وفي عام 2023، باتت حلما بالنسبة لفئة معتبرة من المصريين.

قبل وقت قصير

 في تقرير مصور للإعلام من الشارع، يعود إلى ديسمبر 2014، مع بدء تطبيق سياسات رفع الدعم عن الوقود والطاقة تدريجيا، والتمهيد للتوسع في الاقتراض من المؤسسات الدولية المانحة، وقبل التعويم الأول بحوالي عامين، نجد حديثا عن دور تلك الوجبة، الهياكل، على مائدة المصريين، بعد أن كانت مقصورة على مربي الحيوانات الأليفة.

يقول أحد أصحاب محلات الدواجن عن الإقبال على الهياكل “هناك إقبال عليها عشان رخيصة، بـ 5 جنيه بس، وهناك ناس تأخذ أقل من كيلو بـ 3 جنيه”، ويقول آخر مشيرا إلى علاقة الهياكل بالطبقة الاجتماعية وتأثير السياسات الاقتصادية على المجتمع “اللي كان بيشتري فرخة أصبح بيشتري وركين، واللي كان بيشتري وركين، أصبح بيشتري هياكل”.

وعن اضطرار المواطنين للجوء إليها رغم الاتفاق المجمتعي على ارتباطها بالفقر الشديد، يقول مواطنون في التقرير “هنطبخ على مياه؟ نطبخ عليها حاجة ظفر وخلاص، نفرح بها العيال”

لمن استطاع إليها سبيلا

 بعد أقل من 10 أعوام، وبحلول الجمعة 17 فبراير 2023، قفز سعر الهياكل 10 أضعاف على الأقل، وذلك رغم انخفاض القيمة الفعلية للحد الأدنى للأجور، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، والذي وصل سعره في السوق السوداء إلى حوالي 35 جنيها، أي أنَّ هناك ارتفاعا حقيقيا في السعر، تقول الحكومة إنه وصل 40% تقريبا، على أساس سنوي، مقابل انخفاض في الأجر والقدرة الشرائية.

 

تلجأ الأسر المتعففة إلى شراء الهياكل على استحياء من أصحاب المحلات لتوفير وجبة ساخنة للأبناء، بأقل سعر ممكن، وتحتاج الأسرة المكونة من 5 أفراد إلى حوالي 2 كيلو هياكل، وكيلو طماطم وكيلو أرز وكيلو بصل وكيلو بطاطس، بخلاف التوابل والزيت والغاز، لعمل وجبة بسيطة من حيث القيمة الغذائية، للأسرة، ومع ذلك، فإن تلك الوجبة ليوم واحد صارت تكلف من 150 إلى 200 جنيه.

 وفي نفس الوقت، يشتكي أصحاب محلات الدواجن أيضاً من ارتفاع التكلفة والركود؛ فعندما يلجأ المواطن للهياكل غالية الثمن، يقل الطلب تلقائيا على الأوراك والصدور والكبدة، فبحسب متوسط الأسعار تجاوز سعر الأوراك 90 جنيها، والكبدة 85 جنيها، وحتى أرجل الفراخ صارت مسعرة بحوالي 25 جنيها، وبحسب الحاج عبد المغيث حسن أحد كبار الفرارجية “كنت ببيع 40 قفص يوميا، اليوم ببيع أقفاص 5 بالعافية.. نصف المحلات قفلت”.

من المسؤول؟

 تحمل الحكومة العوامل الخارجية أسباب الأزمات، فالعلف مستورد من الخارج، وقد وصل سعره محليا إلى 33 ألف جنيه للصويا، وحوالي 17 ألف جنيه للذرة، في ظل أزمة عملة صعبة، ولكنَّ متخصصين في الصناعة، يقولون إن إجراءات الحكومة فاقمت أزمات بورصة الدواجن، فمع التذرع بنقص الدولار لتبرير احتجاز الأعلاف، تعاقدت الحكومة على شراء 25 ألف طن من الدجاج المستورد، إضافة إلى 50 ألف طن وصلت إلى الأسواق بالفعل.

وإضافة إلى تهاوي العملة المحلية وارتفاع التضخم ونقص الأعلاف وزيادة الطلب على الدواجن موسميا قبل شهر رمضان وخروج أنواع من الدجاج والمربين من المعادلة، يقول عبد العزيز السيد إن السعر العادل لطن الذرة المستورد هو 10 آلاف جنيه، بالحساب على السعر الحالي للدولار والجنيه، ولكنَّ أيادي تعمل في الخفاء تؤدي إلى هذه الاضطرابات.

 شاركنا رأيك: بكم سعر الهياكل في منطقتك؟

أضف تعليقك
شارك