الكثير من الزحام، والقليل من الشراء، تلك هي الحالة التي سيطرت على سوق الزينة الرمضانية. فحين تسير في شوارع مثل شارع السد بحي السيدة زينب، وشارع تحت الربع والخيامية بحي الدرب الأحمر، بصفتيهما أكبر تجمعات لممارسة ذلك النشاط سنويًا، تجد الكثير من الباعة يتذمرون من تأثير الحالة الاقتصادية للبلاد على نشاطهم الذي ينتظرونه من السنة إلى السنة.
الطعام أم الزينة؟
الأسطى حازم “صنايعي” في آواخر الأربعينيات من عمره، وأب لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد، بعد جولة مطولة في شارع الخيامية وتحت الربع، لم يغنم منها بالكثير، يقول: “انا راجل أرزقي على باب الله.. لكن لو لم أشتري الزينة الأولاد في البيت لن يشعروا بطعم رمضان.. ولكن الظروف السنة الحالية تجبرنا ألا نشتري.. أنا عن نفسي تمكنت من شراء 5 متر زينة ومفرش طرابيزة خيامية وفانوس خيامية مصري.. يوجد غيري ليس في استطاعتهم شراء أي شيء.. هذه المشتريات البسيطة كلفتني 450 جنيها.. بينما يوميتي 200 جنيه يعني كنت اشتريت بهم كيلو لحمة أفضل لي ولبيتي.. بس لازم أفرح زوجتي والأولاد، وعموما رمضان ضيف يأتي من السنة للسنة”.
ولكن هناك من هم بخلاف الأسطى حازم، لم يستطيعوا شراء زينة رمضان هذا العام بسبب غلاء الأسعار الذي أصاب كل السلع والأنشطة في الشارع المصري. ويتجلى الركود الذي تعرضت له سوق الزينة الرمضانية واضحًا في تصريحات “بركات صفا” نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية وألعاب الأطفال بالغرفة التجارية في القاهرة حيث يقول إن نسبة الإقبال على الشراء انخفضت كثيرًا عند مقارنتها بالعام الماضي، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 50%، كما برز انخفاض في حجم إنتاج الفوانيس خلال العام الأخير من 5 مليون فانوس سنويا إلى 2 مليون فقط.
على الرغم من أن السوق المصري هو سوق نشط جدًا في تصنيع الفوانيس لدرجة أنه يصدرها إلى الخارج بما يقارب 200 ألف فانوس سنويا، إلا أنه يستورد المواد الخام التي تدخل في الصناعة من الزجاج والخشب، وهي المواد ارتفعت أسعارها بعد تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار عدة مرات منذ تصاعدت الأزمة الاقتصادية في النصف الأخير من عام 2022م.
موسم مهدد بالخسارة
رغم البسمة التي لا تفارق شفتيه طيلة اليوم، لكن يبدو أن “عصام” أحد باعة الفوانيس في شارع السد غير راضٍ عن “موسمه” إذ قال مع اقتراب نهاية شهر شعبان “هذا وقت الذروة للبيع، بنفرش مبكرا للعرض، ثم يزداد البيع قبل بدء رمضان، لكن حاليا نشعر كأننا مازلنا نعيش في مرحلة العرض.
يبدو عصام واعيًا لأولوية الطعام والشراب على الزينة رغم أنها رزقه، يقول: “نحن حاليا لولا إن أصحاب المقاهي والفنادق بيشتروا الفوانيس الصاج الضخمة التي يصل سعرها إلى ثلاثة وأربع آلاف جنيه لم نكن لنكسب شيئا.. الناس اللي تأتي حاليا للشراء بتسأل عن سعر الفانوس ثم تتركه وتمشي.. لن أقول لك الفانوس الصيني ارتفع سعره كثيرا بسبب الاستيراد.. فالفانوس المصري نفسه لا أحد يشتريه.. لأن الناس تظن أننا نسرقهم برفع سعره لأنه صناعة محلية.. لكن الحقيقة أننا نستورد الخامة الخاصة به ثم نضيف ثمن المصنعية.. وللزبون الحق ألا يشتري، فقد كنت أبيع الفانوس أبو شمعة السنة الماضية بـ 65 جنيها، بينما السنة الحالية لن أبيعه بأقل من 90 جنيها فما فوق”
بين أزمة البائع، وأزمة المشتري، يبدو أن الشوارع في مصر تعيش أكثر موسم رمضاني مظُلم، وتعبر الصورة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا عن مفارقة ساخرة، فهي لأحد الفوانيس العملاقة في شارع السد وكتب صاحبها لافتة معلقة عليه: “الصورة بخمسة جنيه”. فيبدو أنه بالفعل لن يتبق للمواطن سوى أن يلتقط صورة إلى جانب زينة رمضان دون أن يشتريها.
شاركنا تجربتك بخصوص شراء فانوس رمضان خلال العام الجاري.