دلالات تخفيض تصنيف مصر الائتماني

من يتابعون نشرات الأخبار مر أمام أعينهم إعلان وكالة موديز للتصنيف الائتماني في 8 فبراير الجاري تخفيض تصنيف مصر الائتماني درجة واحدة إلى B3 من B2مع تغيير النظرة المستقبلية من سالبة إلى مستقرة. وهو ما يحدث للمرة الأولى منذ عام 2013 أمس على خلفية تراجع احتياطيات النقد الأجنبي في مصر وتزايد المخاوف تجاه قدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية، بالرغم من موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر قرضا ب3 مليار دولار. ثم في 10 فبراير خفضت وكالة موديز مجددا التصنيف الائتماني لخمسة بنوك مصرية تشمل البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجاري الدولي وبنك الإسكندرية،  فما معنى هذا الكلام وما دلالاته وتداعياته؟

شرح وتفسير

التصنيف الائتماني هو تقدير بعض الوكالات المتخصصة لأهلية شخص أو شركة أو دولة للحصول على قروض عبر دراسة إمكانياته المالية، ومدى قدرته على السداد. وكلما تراجع التصنيف الائتماني ارتفعت الفائدة على القروض لتعويض مخاطر عدم السداد. وهو ما يشجع الدائنين على منح قروض جديدة في حال ضمانهم أن الدول المقترضة ستسدد لهم أموالهم، أو يدفعهم للعزوف عن التعامل مع الدول التي توجد شكوك متزايدة حول قدرتها على الوفاء بديونها والتزاماتها المالية، كما أن التصنيفات الجيدة تشجع المستثمرين الأجانب على ضخ أموالهم والعكس، فنادرا ما يخاطر المستثمرون بالاستثمار في دولة يهددها شبح الإفلاس.

وكالة موديز هي إحدى الوكالات العالمية المختصة بتصنيف الوضع الائتماني للدول، وتعتمد 3 تصنيفات أساسية هي A  وB وC، أفضلهم هو A وأدناهم هو C كما توجد تصنيفات فرعية داخل كل تصنيف أساسي وفق درجات 1 و 2 و3. وبالتالي فإن تصنيف مصر هبط إلى أدنى مرتبة في المستوى B ليقترب من المستوى C الذي توجد فيه اقتصادات دول فاشلة مثل السلفادور و موزمبيق.

النظرة المستقبلية في تصنيفات موديز تتراوح بين 3 درجات، فتكون موجب بمعنى أن التصنيف مرشح للارتفاع، أو مستقر، أو سالب وهو ما يعني أن التصنيف مرشح للانخفاض. ولذا عندما هبط تصنيف مصر إلى B3 تغيرت النظرة المستقبلية إلى مستقر بعد أن كانت سالب في التصنيف السابق لأن ليس من المتوقع هبوط مصر على المدى القريب أو المتوسط إلى التصنيف C، كما أن النظرة إلى مصر ليست موجب لأنه لا يتوقع انتعاش السيولة بها قريبا.

الدلالات

قيل أن قرض صندوق النقد الدولي سيشجع على تدفق الأموال لأنه بمثابة شهادة ثقة باستقرار الوضع المالي لمصر، لكن ما حدث هو العكس، وبالتالي عانى المواطنون من شروط صندوق النقد التي أدت إلى وصول قيمة الدولار إلى نحو 31 جنيها للمرة الأولى، وارتفاع الأسعار، بينما انخفض تصنيف مصر الائتماني لدى موديز. وهو ما لا يتوقع تحسنه سوى في حال ازدياد الاحتياطي الأجنبي بالتزامن مع زيادة الصادرات غير النفطية وتخفيض الواردات، وهو ما لا توجد مؤشرات على احتمال حدوثه في ظل الأزمات التي تعاني منها قطاعات الزراعة والصناعة بمصر.

أما تخفيض تصنيف البنوك المصرية الخمسة فيعود إلى أن تلك البنوك تحوز جزءا كبيرا من سندات الدين الحكومية مما يربط تصنيفها بتصنيف الحكومة المصرية، وبالأخص في ظل وجود التزامات بالنقد الأجنبي للبنوك المصرية تفوق ما تملكه لسداد تلك الالتزامات بنحو  494.3 مليار جنيه، وهو ما يزيد من الشكوك حول قدرة تلك البنوك على سداد الديون.

وكالة فيتش تقترب من وكالة موديز   

بجوار وكالة موديز، سبق أن عدّلت وكالة أخرى عالمية هي وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في 8 نوفمبر الماضي نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية. وأرجعت قرارها إلى المخاطر المالية المرتبطة بعدم القدرة المتزايدة للحكومة المصرية على تلبية الاحتياجات التمويلية في ظل احتياج البلاد إلى 28 مليار دولار حتى نهاية عام 2023 لسداد مستحقات الديون والفوائد وتمويل عجز ميزان المدفوعات، وهو ما يرفع من كلفة أي استدانة جديدة تقوم بها مصر من تجار الديون الأجانب مع زيادة قيمة عقود التأمين على مخاطر السندات المصرية.

تلك التطورات تعني تراجع قدرة مصر على الاستدانة من الخارج، وبالتالي يصبح بيع الأصول هو المسار المتاح للحصول على عملات أجنبية، وهو ما يضع الحكومة المصرية تحت ضغط أمام المشترين الأجانب للأصول المصرية، ويجعلهم أكثر قدرة على الشراء بأسعار أقل من القيمة الحقيقة. ولعل هذا ما يفسر الإقبال الكبير لدول الخليج على شراء شركات مصرية رابحة مملوكة للحكومة مثل شركات الأسمدة والأدوية والفنادق وإدارة الموانئ البحرية.

شاركنا رأيك بخصوص مدى جدوى قرض صندوق النقد وانخفاض تصنيف مصر الائتماني، ومن برأيك المسؤول عن ذلك؟

أضف تعليقك
شارك