القبض على صناع المحتوى.. خطوط الدولة الحمراء في عالم الإنترنت

في إحدى تجلياته قال السيسي صراحة أمام الرأي العام إنه مستعد للدفع بكتائب إلكترونية لصناعة الرأي العام المنضبط وتشكيل الوعي السليم ومحاربة الشائعات التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي والوسوم التي تستهدفه.

مثّل ذلك التصريح فيما يبدو ذروة الغضب الرسمي من انفلات الأوضاع وضعف السيطرة على مواقع التواصل مقارنة بالشارع، وهو الأمر الذي حاولت الدولة تفاديه بحزمة من الإجراءات التشريعية والتقنية والعقابيَّة لتفكيك واختراق العالم الافتراضي وإخضاعه للرقابة، بل والاستفادة منه لصالحها. 

“تفكيك الشبكات” 

تحت مزاعم “الحفاظ على القيم المصرية”، اخترقت الدولة عالم “تيك توك” المظلم المليء بالأرباح والأنشطة الاقتصادية المبنية على صناعة الترفيه بشكل رئيس، وفي عام 2020 قبضت على عدد من الفتيات الناشطات في تلك المنصة، وحكم القضاء عليهن لاحقا بالسجن المشدد لسنوات متفاوتة تتراوح بين 3 إلى 6 أعوام مع غرامات مالية تصل إلى 200 ألف جنيه.

بالرغم من ارتياح عموم الجمهور إلى تلك الملاحقات تحديداً بسبب انتشار التجاوزات في تلك المواقع إلا أن مراقبين شككوا حينها في الغرض الحقيقي المعلن لتلك الحملة، محتجين بأن الدولة نفسها ترعى “مهرجانات فنية” لا تخلو من مخالفات أخلاقية مماثلة لتلك التي تحاكم عليها تلك الفتيات، كما أن الدولة التي تحجب عشرات المنصات التي تصفها بالمعادية لا تتخذ إجراءات تقنية بسيطة مشابهة لحجب المواقع الإباحية.

ترجح حينها أنّ الغرض الحقيقي هو محاولة رصد شبكات البيزنس السهل في تلك المنصات، بحيث تصبح تلك المنصات تحت أعين الدولة، كما أن ضبط الوضع يتيح منافسة خصومها السياسيين في مجال الأخلاق والقيم، بحيث لا تصبح تلك المساحة حكرا على التيارات الدينية وحدها، وفي نفس الوقت تحدد  الدولة خطا أحمر جديدا في تلك المواقع يتعلق بالقيود المفروضة لاحقا على الأرباح من مجالات الترفيه.

“لا أصوات معارضة”

في وقت سابق على تلك الحملة، كانت الدولة قد كشرت عن أنيابها الافتراضية بالقبض على المغني والممثل حاليا وصانع المحتوى الفني أسامة الهادي، نظرًا لعلاقته بالمطرب المقيم خارج البلاد رامي عصام، وذلك يوليو 2018، حيث استمر الفنان الذي يشارك حاليا في العمل الدرامي (بينا معاد) محبوسا 4 أشهر.

ليلحق به صانع المحتوى الترفيهي المشهور في أوساط المراهقين، شادي سرور، الذي قبض عليه نهاية 2019، ووضع في قضية كل أعضائها من السياسيين والمهتمين بالشأن العام، ولم يغادر محبسه إلا نهاية 2021. 

“وزارة الداخلية” 

الخط الأحمر الثالث الذي يبدو أن الدولة تحاول تثبيته افتراضيا يخص أي أعمال ترفيهية تحاول التعرض ولو من بعيد لما يتعلق بوزارة الداخلية. ففي نهاية أغسطس 2022، وُضع عدد من صناع المحتوى الترفيهي الذين سجلوا مشهدا كوميديا عن إلقاء القبض على فتى وفتاة في موقف مخل بالطريق العام ليلا، وعلى رأسهم أحمد الدسوقي ومحمد صميدة، في القضية أمام نيابة أمن الدولة العليا.

أما الجديد في نفس السياق، هو القبض على صناع المحتوى المعروفين، محمد حسام وأحمد الخولي وأصدقائهما، لتمثيلهم مشهداً ترفيهياً يتضمن زيارة فتاة لصديقها التي تحبه في محبسه، بما يعكس الثقافة الشعبية دون أي إشارات سياسية أو اجتماعية، وحبسهم بعد العرض على نيابة أمن الدولة العليا 15 يوما، بتهم ثقيلة مثل نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل والانضمام إلى جماعة إرهابية.

من وجهة نظرك: هل يستحق صناع المحتوى الحبس بتلك التهم المشار إليها؟

أضف تعليقك
شارك