مع إعلان الحكومة مؤخرا قرب نقل 30 ألف موظف للعاصمة الجديدة في مارس القادم ضمن خطوة سبق الإعلان عنها مرارا مع تأجيلها كل مرة، يبرز سؤال حول مدى إمكانية انتقال 6 مليون شخص إليها وفق أهداف الحكومة بما يحقق العائد من النفقات الضخمة على العاصمة الإدارية الجديدة البالغة مساحتها نحو 714 كيلومترا مربعا، وذلك في ظل استحضار فشل مشروع مدينة الأثاث الجديدة في دمياط، والمشروع القومي لتبطين الترع وغيرها من المشروعات التي شرعت فيها الدولة دون دراسات كافية.
استقالة مقلقة
خلال العام الماضي، تقدم اللواء أحمد عابدين رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية باستقالته معللا إياه بظروفه الصحية ورغبته في الحصول على راحة، كذلك استقال معه مدير عام الشركة اللواء محمد عبداللطيف، بينما كشفت مصادر صحفية آنذاك أن الاستقالتين حدثتا على خلفية مجموعة من القرارات من اللواء عابدين وفريقه تتعلق بحثهم المقاولين على سرعة بناء لمشروعات ومولات تجارية ضخمة دون انتظار التراخيص والمواصفات الدقيقة للتصميمات مما تسبب في أخطاء فادحة أدت إلى حدوث بروزات في المباني مما تطلب هدم العديد من الطوابق وواجهات المباني، وإعادة بنائها بإهدار ملايين الجنيهات.
لعل تلك الأخطاء التي ارتكبها اللواء عابدين ومساعده هي التي أوصلت تكلفة إنشاء الحي الحكومي وحده إلى 100 مليار جنيه وفقا لتصريح السيسي. في حين تُقدر التكلفة الإجمالية بنحو 1500 مليار جنيه للمرحلة الأولى فقط من العاصمة الجديدة. عمليا، بلغت تكلفة بناء مسجد العاصمة الإدارية نحو 45 مليون دولار مع وصول ارتفاع مئذنته إلى 140 مترا، أما برج العاصمة الذي يقترب ارتفاعه من 400 مترا في الصحراء دون ضرورة، فتكلف نحو 3 مليار دولار. وهي مبالغ ضخمة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.
من دفع التكلفة؟
تروج الحكومة أن العاصمة الإدارية تم الإنفاق عليها من موارد شركة العاصمة لا من أموال الدولة، ولذلك طلبت الشركة المذكورة من الحكومة دفع 4 مليار جنيه سنويا نظير إيجار الحي الحكومي للدولة، وهنا يتجلى سؤال هام حول من يملك شركة العاصمة الإدارية؟
تملك هيئة المجتماعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان نسبة 49 % من شركة العاصمة في مقابل 29.4.% لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، و21.6% لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة. وهي كلها جهات تابعة للدولة، وتأخذ ميزانيتها من قوت المواطنين، وبالتالي فالشعب هو الذي تحمل تكلفة بناء العاصمة الجديدة، ومن المستغرب أن تطلب شركة العاصمة إيجارا من الحكومة ستدفعه من أموال الشعب.
عزوف عن الشراء
كما يلاحظ عزوف من المواطنين عن الشراء في العاصمة الجديدة لعدة أسباب من بينها ارتفاع الأسعار وعدم اكتمال بناء الخدمات مثل المدارس والمستشفيات والمطاعم، مما يجعل الإقامة فيها على بعد 60 كيلو متر من القاهرة أشبه ما يكون بالمنفى الصحراوي. والتخوف هنا أنه بعد كل تلك النفقات الضخمة ربما ينفر المواطنون عن الإقامة بالعاصمة الجديدة في ظل عدم تلبيتها لاحتياجاتهم، وبعدها عن مدارس أولادهم، وارتفاع تكاليف المعيشة بها، ومحدودية فرص العمل في نطاقها الجغرافي، ووجود أزمة مالية لدى الدولة تعرقل استكمال بقية الخدمات الضرورية المطلوبة خلال الفترة المقبلة.
شاركنا رأيك: هل تفكر في الانتقال للعاصمة الجديدة؟ وهل تعتقد أن المشروع سينجح؟