مع انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار إلى 30 جنيها، حدث تضخم كبير في أسعار السلع الغذائية، فمثلا وصل سعر كيلو الشاي إلى 200 جنيه، في حين وصل سعر كيلو صدور الدجاج المخلية 200 جنيه، أما كرتونة البيض فقد اقتربت من 120 جنيها، ليبلغ سعر البيضة الواحدة 4 جنيهات للمرة الأولى في تاريخ مصر. أما المشكلة الكبرى فظهرت في اللحوم الحمراء حيث تخطى سعر الكيلو جرام منها 240 إلى 300 جنيه في بعض المناطق بدلا من 180 جنيه في ديسمبر الماضي. وهو ما أدى إلى إغلاق بعض محلات الجزارة في ظل عزوف المواطنين عن الشراء لضعف الإمكانات المادية.
من السبب؟
مع انخفاض قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار العلف لأرقام فلكية مؤخرا بلغت 13 ألف جنيه لطن الذرة الصفراء و 35 ألف جنيه لطن الصويا عقب أزمة تكدس البضائع في الموانئ وشح الدولار، ارتفعت أسعار المواشي حتي وصل سعر كيلو اللحم قبل الذبح “كيلو القائم” إلى نحو 155 جنيها بعد أن كان يبلغ 60 جنيها فقط في العام الماضي.
في مصر؛ يبلغ متوسط وزن العجل الواحد 400 كيلو جرام قبل الذبح، أي أن سعر العجل يصل إلى 60 ألف جنيه، وعقب الذبح يصفي العجل نحو 220 كيلو جرام من اللحوم، بينما الباقي دهون وأمعاء تباع بما يعادل 5 ألاف جنيه، وهو ما يعني أن كيلو اللحم الصافي يقف سعره على الجزار بنحو 250 جنيه، وعند احتساب مصاريف النقل وإيجار المحل ورواتب العمال وفواتير الكهرباء والمياه سنجد أن بيع الكيلو ب300 جنيه قد لا يغطي حتى تكلفة العمل. وبالتالي أصبح المربي يشتكي من ارتفاع أسعار العلف، والجزار يشتكي من ارتفاع أسعار العجول، والزبون يشتكي من ارتفاع سعر كيلو اللحم، وهو ما يعني عزوف أعداد أكبر من المواطنين عن شراء اللحوم الحمراء. مع العلم أن الاعتماد على استيراد اللحوم فضلا عن العلف يلعب دورا في غلاء الأسعار، حيث انخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء في مصر من ٨٥.٧٪ في عام ٢٠١٢ إلى ٥٥٪ في عام ٢٠١٩ بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادرة عام ٢٠٢١.
عزوف المواطنين عن الشراء
تشير النشرة السنوية لحركة الإنتاج والتجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2019 إلى انخفاض متوسط الاستهلاك السنوي للفرد في مصر من اللحوم الحمراء من ١٣ كجم في عام ٢٠١٨ إلى ٧.٢ كجم في عام ٢٠١٩، وهي نسبة متدنية للغاية يبدو أنها في طريقها للتلاشي بحلول عام 2023.
التغطية الإعلامية
في مواجهة مشكلة قومية مثل ارتفاع أسعار اللحوم، وانعكاسات ذلك على لجوء المواطن لأنواع تغذية بديلة ضعيفة القيمة الغذائية، من المفترض بالإعلام تناول الأمر بجدية والبحث عن الحلول المتاحة لعلاج الأزمة. لكن الإعلام تعامل باستخفاف مع الأزمة، فعلى سبيل المثال طالب الإعلامي سيد علي المواطنين بعدم شراء اللحوم ومقاطعتها طالما أنهم غير قادرين على دفع ثمنها، وتحدث بفوقية شخص لا يشعر بمعاناة المواطنين، وهي نفس النصيحة التي قالها الإعلام سابقا بخصوص الفراخ والعدس والفول.
إن الأزمة الحالية لا تقتصر على غلاء اللحوم فقط، إنما تشمل الطعام والدواء ومصاريف التعليم وأسعار المواصلات والملابس بينما المرتبات لازالت كما هي، وبالتالي لم يعد أمام المواطنين خيارات للتفضيل بينها، وأصبح توفير تكلفة وجبة طعام للأسرة رحلة من المعاناة.
شاركنا تجربتك، كم بلغت أسعار اللحوم في منطقة سكنك، وكم كيلو لحم تشتري شهريا في الوقت الحالي؟