خلال السنوات الماضية، شهدت مصر حملات عديدة لإزالة المباني بحجة بناء كباري وطرق جديدة، وحملات هدم في عام 2020 بحجة تنفيذ قانون التصالح على المباني، ثم حملة خلال العام الجاري لإزالة العوامات السكنية من ضفاف النيل بالقاهرة، وإخلاء العديد من المناطق السكنية في العريش بإجمالي نحو 4 آلاف أسرة لتوسعة الميناء، وإخلاء عزبة نادي الصيد بالإسكندرية بحجة إزالة العشوائيات، فيما يعاني أهالي جزيرة الوراق من تضييقات مستمرة لإجبارهم على إخلاء الجزيرة بهدف بيعها لمستثمرين أجانب.
اضطهاد المواطنين والترحيب بالأجانب
بينما يتعرض المواطنون المصريون لتلك المعاملة التي جعلت العديد منهم في الشارع، بينما أغلبهم فقدوا المنزل الذي ورثوه أو اشتروه بتحويشة العمر دون تلقي تعويضات تكفل لهم شراء منزل بديل أو حتى التأجير بسعر مناسب في مناطق قريبة من أماكن عملهم، أعلنت الحكومة عن قرار جديد تسمح بموجبه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للمستثمرين العرب والأجانب بشراء قطع أراضي مملوكة للدولة بالدولار دون انتظار مزادات بيع الأراضي بحجة أنها تستغرق وقتا طويلا بحسب معاون وزير الإسكان والمشرف على قطاع التخطيط والمشروعات بالهيئة وليد عباس.
قدمت الحكومة للأجانب تيسيرات غير مسبوقة للشراء، تشمل تسليم قطع الأراضي للمشترين في غضون شهر من تاريخ سدادهم ما يعادل 5% من قيمة الأرض بالدولار، على أن يسددوا باقي القيمة على دفعات مستقبلية تحول بالدولار من خارج البلاد.
دوافع اتخاذ القرار، وجدواه
يوجد دافعان أساسيان لهذا القرار، الأول هو الاستفادة من فارق السعر، والثاني هي جلب عملة أجنبية في ظل أزمة شح الدولار. فمن المحزن أن تلك الأراضي التي ستبيعها الحكومة، قد تكون مما سحبته من المواطنين بحجة استخدامها للمنفعة العامة، أو لكونها ملكاً للدولة في الأساس مثلما تدعي الحكومة فيما يخص أغلب أراضي جزيرة الوراق. وهو ما يعني أن الحكومة سحبتها من المواطنين مقابل دفع تعويضات رمزية لهم ثم ستبيعها للمستثمرين العرب والأجانب بالدولار، لتستفيد بفارق السعر، وتضعه في جيبها.
فالحكومة تعرض على أهالي الوراق تعويضا يبلغ 48 ألف جنيه للشقة المُكونة من غرفتين وصالة، وفي حال رفض صاحب الشقة، سيتم إخلاؤه قسرا، ووضع المبلغ في الحساب البنكي لصاحب الشقة، وهو ما مفترض أن يشمل نحو 7500 منزلا في الوراق، يتكون كل منها من عدة شقق. وعند تحويل مبلغ التعويض إلى الدولار، سنجد أن الحكومة ستدفع مبلغا ضئيلا لا يتجاوز 1500 دولار في ظل تجاوز سعر الدولار في السوق حاليا لثلاثين جنيها، وهو ما يعني أنها ستكسب عشرات الأضعاف عند بيع تلك الأراضي للأجانب.
أما موضوع جلب عملات أجنبية من محصلة البيع، فهي لن تحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني مصر، والتي تتمثل في أن أكثر من 62% من الميزانية يذهب لسداد الديون وفوائدها، ووصول الدين الخارجي إلى 157 مليار دولار، فضلا عن الفجوة الكبيرة بين محصلة الواردات والصادرات، والبالغة في الأوضاع العادية قبل تقييد الاستيراد مؤخرا 3.9 مليار دولار شهريا بحسب جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي، وهو ما يعني أن بيع الأراضي للأجانب بتسهيلات سيبدد أصول البلد وأراضيها دون أن يحل أزمة شح الدولار عمليا.
شاركنا رأيك بخصوص قرار الحكومة ببيع الأراضي للأجانب بتسهيلات.