هل يصل الدولار إلى خمسين جنيها مصريا؟

تشغل أزمة الدولار الشارع المصري، إذ تعلن البنوك أن سعر الدولار 24.5 جنيه، بينما يباع في السوق السوداء بنحو 30 جنيها، وهو ما دفع تجار الذهب إلى بيع الجرام بنحو 1800 جنيه وفق سعر الدولار بالسوق السوداء، ووسط إقبال من المواطنين على شراء الذهب للاحتفاظ بقيمة مدخراتهم في ظل التخوف من حدوث تعويم جديد استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي، وهو ما قد يحدث خلال الأيام القليلة القادمة بحسب الإعلامي عمرو أديب، أما النائبة بالبرلمان أميرة أبو شقة فقد فجرت مفاجأة خلال جلسة حضرها وزير التجارة والصناعة  إذ قالت إن سعر الدولار قد يصل إلى 50 جنيها.

بالمقابل دعا بعض رجال الأعمال مثل نصيف ساويرس لتحرير سعر الجنيه بالكامل بحجة تحريك عجلة الاقتصاد، كما دعا ساويرس المواطنين إلى الاستثمار بشهادات الإيداع ذات العائد 18%.، وهو ما لا يفعله نصيف نفسه الذي يدرك أن تلك الشهادات تساهم في تبخير قيمة أموال المواطنين إذ عائدها أقل بكثير من نسبة انخفاض الجنيه، بينما عمليا تستثمر عائلة ساويرس في الذهب، وبالأخص نجيب الذي يملك شركة “لامانشا” إحدى أكبر 10 شركات تعمل في قطاع الذهب عالمياً.

شح البضائع، وارتفاع التضخم

شح الدولار أدى إلى تكدس البضائع  في الموانئ نظرا لعدم وجود نقد أجنبي كافي لدفع ثمنها وفق نظام الاعتمادات المستندية الذي قرره البنك المركزي، ونتج عن ذلك ندرة في العديد من البضائع بالأسواق بداية من السيارات وقطع غيارها وصولا إلى بنج الأسنان والمستلزمات الطبية مرورا بعلف الدواجن.

بالتزامن مع ما سبق، بلغت نسبة التضخم في الأسعار 21.5 % في نوفمبر الماضي، مقارنة بـ19% في أكتوبر بحسب بيان للبنك المركزي، وهو ثاني أعلى رقم للتضخم في تاريخ مصر منذ عقود، حيث سُجل أعلى رقم في عام 2016  بنحو 23.5%. وهو ما انعكس على زيادة أسعار الألبان والجبن واللحوم والبيض والحبوب والخضروات، حتى أصبح المواطن يعاني في توفير الطعام الأساسي لنفسه وأسرته.

وقد أشارت دراسة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى انخفاض دخل 20% من الأسر المصرية في الفترة بين مايو وأغسطس 2022، فيما قل إنفاق حوالي 74% من الأسر على الطعام، وذلك قبل التعويم الأخير في أكتوبر، والتعويم اللاحق المنتظر قريبا، وهو ما يعني أن أياما أشد صعوبة تنتظر المصريين.

الأزمة ستتصاعد

الأسوأ أن وكالات التصنيف الائتماني مثل موديز وفيتش خفضا خلال العام الجاري نظرتهما  المستقبلية لمصر إلى “سلبية”  بسبب المخاطر المتزايدة المتعلقة بمدى قدرة الحكومة على توفير 28 مليار دولار لسداد مستحقات الديون والفوائد والفوارق بين الواردات والصادرات خلال عام 2023. فبيع أصول الدولة وشركاتها، وأموال المساعدات الخليجية لا يكفي لجمع هذا المبلغ الضخم.

من جانبها اتجهت الحكومة لفرض المزيد من الضرائب والجبايات بأشكال جديدة مثل التوسع في نظام الفاتورة الإلكترونية ليشمل المحامين والأطباء وغيرهم من أصحاب المهن الحرة، وفرض رسوم جديدة على تراخيص المحلات تصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف جنيه للمحل الواحد.

سبب الأزمة، وتداعياتها

إن مليارات الدولارات التي تم إنفاقها على بناء الطرق والكباري والعاصمة الإدارية، وسجون بدر ووادي النطرون الجديدة، لم تنجح في جلب أموال للخزينة المصرية تعادل حجم المبالغ التي أنفقت فيها، كما لم تتبن الحكومة سياسة ناجحة للتصنيع المحلي، وفشلت في الترويج للسياحة رغم امتلاك البلاد آثار نادرة ومواقع خلابة لا مثيل لها، فضلا عن القيود التي تعرقل عمل القطاع الخاص، وانتشار الفساد.

إن الأزمة الحالية ستكون لها انعكاسات خطيرة على الاستقرار الأسري في ظل انخفاض القدرة الشرائية للجنيه، وإغلاق المصانع، وتوقف عمل أعداد كبيرة من المواطنين، وعدم قدرت أرباب الأسر على تلبية احتياجات عائلاتهم، فضلا عن المزيد من انتشار الجرائم، ومعدلات الهجرة غير النظامية، وهو ما يؤشر له وصول عدد المهاجرين المصريين غير النظاميين إلى إيطاليا إلى 20 ألف شخص منذ بداية العام الجاري. ولا يبدو أن لدى الحكومة حلولا حقيقة للأزمة الاقتصادية الحالية.

شاركنا برأيك حول كيفية حل تلك الأزمة، وكيف أثرت على وضعك الحياتي، وكيف تحاول التغلب عليها.

أضف تعليقك
شارك