منتصف أكتوبر الماضي، تابع مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مشاهد مريرة لإعدام آلاف الكتاكيت على الهواء مباشرة وفي مقاطع مسجلة، ما أثار استياء عامًا لدى المواطنين والعاملين في صناعة الدجاج؛ لأنّ تلك المشاهد تظهر لأول مرة على الإعلام بهذه الصورة، وقد تزامنت مع أزمة كبيرة تضرب مجالات الاقتصاد المختلفة.
فسر العاملون في مجال تربية الدواجن تلك المشاهد حينها بأنها نتيجة نقص الدولار في البلاد؛ فالحكومة تريد تحجيم خروج الدولار حفاظا على المخزون الدولاريِّ الضئيل لدى البنوك، وتوجيهًا للمتاح ناحية مصارف محددة من أبرزها سداد الديون الخارجية، ما أدى إلى نقص الأعلاف التي تأتي من الخارج، وأدى أيضا إلى ارتفاع الأسعار، بسبب نقص المعروض.
ما الذي نعرفه عن صناعة الدجاج؟
في أرقام مفتاحيّة، يقول ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، إن مصر تبلي بلاء حسنا في توفير بيض المائدة والدواجن المستهلكة محليا، إلى درجة أنها ظلت 20 عاما حتى 2006 لا تستورد تقريبا أيا منهما، ولكنها منيت في 2006 بمشكلة انفلونزا الطيور، ثم منيت في الشهور الأخيرة بمشكلة نقص الأعلاف، بسبب حظر الاستيراد والأزمة الروسية الأوكرانية. ووفقا للزيني، فإن مصر تنتج نحو 40 مليون بيضة سنويا، وهو ما يعني تغطية للطلب المحلي وهامشاً للتصدير، وأن حجم الصناعة – كاملا – قد يصل إلى 100 مليار جنيه بالسعر الحالي للعملة المحلية.
استيراد الدواجن
ثمة ما يشبه الإجماع بأنه لا حاجة كبيرة إلى استيراد الدواجن في مصر، أولا لأن الاستيراد يكون بالعملة الصعبة، وثانيا لتوجيه الموارد والجهود لدعم الصناعة المحلية التي تعتمد على استيراد الأعلاف مثل فول الصويا والذرة اللذان يصل بحجم استهلاكهما إلى حوالي ربع مليون طن أسبوعيا.
ووفقا للطبيبة البيطرية شيرين ذكي، فإن بث مشاهد إعدام الكتاكيت بهذه الكثافة، جاء في إطار حرب غير معلنة بين الحكومة ومربي الدواجن، بسبب نية الأولى تسهيل استيراد شحنات كبيرة من الدجاج وضخها في السوق المحلي للضغط على المنتجين المحليين.
وعن خطورة استيراد الدجاج من الخارج، يقول د. إياد حرفوش أحد الأسماء البارزة في تربية الدواجن إن هناك دولا مثل الولايات المتحدة يفضل سكانها أجزاء معينة من الدجاجة، الصدر على وجه التحديد، مما يتيح فائضا من باقي الأجزاء لتصديره بأسعار تنافسية (مجزئات دجاج) إلى الأسواق الخارجية؛ ولكن التجربة العملية أثبتت أن الاستيراد “يؤدي إلى انتكاس الصناعة وانخفاض مستويات التربية”.
وبدلا عن الاستيراد، يقترح الخبراء أن تتوجه الطاقات لدعم تصدير الدجاج، فما دمنا مضطرين إلى استيراد الأعلاف، فإن لدينا فرصة موازية لتصدير قائمة طويلة من مشتقات الدجاج، شريطة استيفاء المعايير البيطرية اللازمة للمرور للأسواق الدولية.
لاعب من خلف الستار
في عز أزمة الأعلاف وتضرر الصناع والمستهلكين، أقدمت وزارة التموين، ممثلة في الشركة القابضة للصناعات الغذائية، على استيراد شحنات من الدجاج، إحدى تلك الشحنات من الولايات المتحدة وتقدر بـ 5 آلاف طن، والأخرى من البرازيل وتقدر بـ 12 ألف طن. وعليه، انبرى اتحاد المنتجين لمخاطبة كافة أجهزة الدولة المعنية لوقف استيراد الدجاج من الخارج، لينجح في تعطيل صفقة الدجاج البرازيلية مؤقتا، وليفشلَ في منع شحنة أجزاء الدجاج الأمريكية، مع وعود من التموين بفتح باب التنافس على توريد الدجاج محليًّا بأفضل سعر في المرحلة المقبلة.
في رأيك: هل يساعد الدجاج المستورد في حل أزمات سوق بروتين الغلابة أم يزيد المشكلات تفاقما؟