قمة المناخ: المظهر لا المضمون

انعقدت قمة المناخ في شرم الشيخ خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الحالي، وبالرغم من زخم الأحداث  وتنوعها خلال القمة، إلا أنه دارت خلف الستار فصول قصة تكلفت ملايين الجنيهات بغرض تحسين صورة الحكومة المصرية أمام الرأي العام العالمي عبر تسليط الأضواء على جهودها فيما يُعرف باسم التحول الأخضر.

شركة أمريكية من خلف ستار

بعيدا عن الإعلام أو البيانات الرسمية، استعانت الحكومة المصرية في إدارة التواصل أثناء قمة المناخ بشركة علاقات عامة أمريكية تُدعى  Hill+Knowlton Strategi، وهي شركة سبق أن نظمت حملات إعلامية لتحسين صورة شركات تبغ وشركات بترول عالمية تلعب دورا هاما في تلويث البيئة، والملفت أن الشركة المذكورة عملت على الترويج لجهود تلك الشركات في الحفاظ على البيئة والمساهمة في تحسين الصحة العامة للبشر.

تندرج الشركة المذكورة ضمن الشركات التي تعمل على تزييف الوعي العام بالاعتماد على عدة أساليب ملتوية مثل تمويل أبحاث تنفي حدوث أضرار على صحة البشر من التدخين، والاستعانة بخبراء يلوون الحقائق عبر نشر معلومات مغلوطة تركز على تبني شركات البترول العالمية لتقنيات تساهم في  تقليل الأثر السلبي للبترول والغاز الطبيعي على البيئة، وهو ما أهلها للفوز بجائزة ساخرة تتعلق بالإضرار بالبيئة نظرا لجهودها في تحسين صورة تكتل يضم 12 شركة من كبريات شركات البترول العالمية مثل أرامكو وشل.

وعلى الرغم من عدم إعلان الحكومة المصرية رسميا الاستعانة بالشركة المذكورة في قمة المناخ، إلا أن اجتماعات تنظيم القمة بحضور منظمات مجتمع مدني محلية وأجنبية كشفت عن حضور تيموثي هيرست العضو المنتدب للشركة بالشرق الأوسط كممثل للشركة.

ليست المرة الأولى

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تستعين فيها الحكومة المصرية بالشركة المذكورة، إذ سبق أن روجّت لاستخدام الفحم في إنتاج الطاقة للمرة الأولى في مصر قبل عدة سنوات رغم أضراره الشديدة، واتجاه دول العالم المتقدم لتقليص استخدامه حفاظا على صحة مواطنيها أولا، وعلى البيئة العالمية ثانيا.

في عام 2014 طلبت نائبة مدير الشركة في مصر آنذاك، والمديرة التنفيذية حاليًا ريهام العدل، من عدة صحفيين مصريين إجراء مقابلات مع مجموعة خبراء انتقتهم بشكل خاص للدفاع عن استخدام الفحم في حل أزمة الطاقة بمصر، ونفي آثاره السلبية على صحة المواطنين أو حقيقة تلويثه للبيئة، وتصويره على أنه بديل آمن للطاقة، وهو ما ساهم في خداع الرأي العام المحلي بخصوص ذلك الملف، وكان من بين هؤلاء الخبراء وزير البيئة السابق خالد فهمي، و د. طارق عيد أستاذ علوم البيئة والتلوث الصناعي.

قمة المناخ، السير عكس الاتجاه

خلال قمة المناخ المنعقدة مؤخرا، شارك نحو 600 شخص من جماعات الضغط المعنية بالوقود الأحفوري في فعاليات القمة والمناقشات حول مستقبل الانبعاثات العالمية وتأثيرها على التغير المناخي، وذلك بمعدل زيادة 25% أي قرابة 150 شخص عن مستوى مشاركتهم في القمة الماضية بإسكتلندا.

هذا الأمر أثار حفيظة المنظمات العاملة في مجال التغير المناخي، إذ اعتبرت أن مصر داعمة ضمنا لتلوث البيئة في التلوث، ودعم ذلك تقرير صدر عن البنك الدولي في 8 نوفمبر، أشار إلى أن الانبعاثات الكربونية في مصر زادت بين عامي 2005 و2015  بنحو 31%.، وذلك في ظل زيادة الاعتماد على البترول والغاز الطبيعي كمصادر للطاقة.

وبحسب التقرير، فقد ساهم النقل البري في زيادة انبعاثات الكربون في مصر خلال فترة الدراسة بنسبة 11%، وذلك بسبب التوسع العمراني المضطرد الذي يدفع للاعتماد على السيارات الخاصة لنقل الأفراد، والشاحنات لنقل البضائع، مقابل خفض نسبة المساحات الخضراء في المدن المصرية بنسبة تصل إلى 8.6%، فضلا عن فقدان مصر أكثر من 8% من أراضيها الصالحة للزراعة، بالإضافة إلى فقدان أسيوط وأسوان وحدهما حوالي 30% من أراضيهما الزراعية الخصبة.

برأيك، هل الاستعانة بشركات العلاقات العامة الداعمة لتكتلات صناعية ملوثة للبيئة يدعم توجه مصر نحو مجابهة خطر التغير المناخي؟

أضف تعليقك
شارك