سيّارات بلا جمارك ولا ضرائب: الحدأة لا تلقي الكتاكيت!

خلال شهر أكتوبر أعلنت الحكومة نيّتها تيسير إدخال المصريين في الخارج سيارات مستوردة، بشروط ميسّرة ومختلفة عمّا هو معروف في السُّوق المصرية.  وبموجب القانون الّذي أقرّه مجلس النوّاب سريعا في 18 أكتوبر، سيتاح للمرة الأولى للمقيم في الخارج إدخال سيّارة ملّاكي إلى مصر شريطة ألا يكون مرَّ على إنتاجها 3 أعوام، وأن تكون مطابقة للمواصفات المصريَّة في تصنيع السيّارات، على أن يضع الجمارك والضرائب المفترضة على السيارة على شكل وديعة دولاريّة في أحد البنوك المصريّة، خلال 4 أشهر من الموافقة على قرار الاستيراد، ثم يستردها بالجنيه المصريّ بعد 5 سنوات.

المصريون في الخارج

يمثل القرار ذروة التجاء الحكومة إلى المصري المقيم في الخارج وإغرائه لضخّ العملة الصّعبة في جسد الاقتصاد المتعثّر، فبحسب وزير الماليّة محمد معيط هربت 22 مليار دولار من “الأموال الساخنة” من البلاد تزامنًا مع رفع الفيدرالي الأمريكيّ الفوائد على الدولار. كما وصل العجز في أصول العملة الصّعبة في البنوك المصريّة بعد خصم المستحقّات الخارجيّة إلى 19.7 مليار دولار في اغسطس الماضي

تعود محاولات الالتفات إلى المصريين في الخارج إلى نحو 9 أعوام مضت، حيث بدأت الحكومة، منذ ذلك الوقت، في طرح أصول عقاريّة محليّة عبارة عن أراض وعقارات ومقابر ضمن مبادرة “بيت الوطن”، ويتراوح سعر المتر في العقارات السكنيّة بالمدن الجديدة ضمن المبادرة من 600: 700 دولار أمريكي، ويبلغ سعر متر الأرض الفضاء 200 دولار تقريبا.

كما اعتمدت الحكومة في نفس السّياق “وثيقة التّأمين على العاملين في الخارج” والّتي تتكلّف 19 دولارًا تضاف إلى تكلفة استخراج جواز السّفر، وفي يناير 2022 قالت وزيرة الهجرة السّابقة نبيلة مكرم إنها تختلف عن “وثيقة مصلحة الجوازات”، ومن المقرر تعميمها لتشمل المصريين المقيمين إقامات طويلة في الخارج، بحيث لا تقتصر على مدّة 90 يومًا كحدّ أقصى لصلاحية الاستفادة منها للمقيم في الخارج.

منع خروج الدّولار

تحاول الحكومة تدبير اعتمادات دولاريّة عاجلة عبر حلول غير تقليديّة، فقررت البنوك المصريّة الحدّ من سحب الدولار للمصريين في الخارج، بحيث يقتصر على 5 آلاف دولار شهريّا لأفضل العملاء في أرقى البنوك، وتقلّ لتصل إلى 500 دولار فقط في بنوك محلية أخرى.

في نفس الوقت تقريبًا، فرضت الحكومة إجراءات مشدّدة على عمليّات الشراء والدّفع بالعملة الأجنبيّة من داخل مصر لشراء منتجات أو خدمات من الخارج، وذلك عبر تعطيل بعض الكروت البنكيّة دون إخطار المستخدمين، أو زيادة الرّسوم على عمليّات الدّفع لتتراوح في الإجراءات الجديدة من 3 إلى 6% مع كلّ عمليّة دفع بنكي خارج البلاد.

وفيما حصلت الحكومة على قرض جديد من صندوق النّقد الدّولي بمقدار 3 مليار دولار، فقد شرعت أيضاً في دراسة طرح سندات بعملات غير الدولار، مثل سندات باندا الصينيّة وساموراي اليابانيّة، والعودة إلى استخدام الطّاقة غير النّظيفة في إنتاج الكهرباء لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا بنحو مليار دولار شهريًا، وبيع نسب من الأصول الاستراتيجية للدولة لمستثمرين عرب وأجانب بنحو 10 مليار دولار لمدة 4 سنوات.

بداية غير مبشّرة

تمرير القانون سريعًا، والتسهيل على المصريين في الخارج أمور طيّبة؛ ولكنّ بعض التّفاصيل الأخرى قد تدعو للقلق، فالوديعة الّتي سيستردّها المواطن بعد 5 أعوام ستكون بالجنيه دون أيّ عوائد بسعر الصّرف الرّسميّ الذي كثيرًا ما يقلّ عن سعر صرف الجنيه الحقيقي، في حين تحصل الحكومة على القروض الخارجيَّة عادة بفوائد دولاريّة باهظة على مدد قصيرة، ما يعني أنّ الحكومة، وحدها تقريبا، هي المستفيد “الحقيقي” من المبادرة.

وبالعودة إلى جذور المشروع، سنجد أنه كان اقتراحًا شعبيًا على منصة “تويتر”، وقد اختلفت الصيغة الّتي أعلنتها الحكومة قليلا عن الصّيغة المقترحة في عدد سنوات سداد الوديعة، كما أنّ بعض التّصريحات الوزاريّة تقول مضامين غير واقعيّة على غرار تصريح وزير المالية الذي يتوقع أن تمهد المبادرة لاستيراد 300 إلى 500 ألف سيارة خلال مهلة الأربعة أشهر بحصيلة قد تصل إلى 2.5 مليار دولار، أما وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ياسر عمر فيتوقع أن تصل عوائد القانون لما يقرب من خمسة مليار دولار، وهو ما يشكك فيه خالد سعد الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات قائلا إن الطلب المحلي على السيارات المستوردة يبلغ 120 ألفا سنويا.

– شاركنا رأيك: هل ستنجح الحكومة في تحصيل الأرقام المأمولة من تلك المبادرة؟

أضف تعليقك
شارك