على امتداد الأشهر الثلاثة الأخيرة، بات لدينا خبر معتاد عن شحنات الغذاء المصريّة الّتي رفضت السلطات الليبية دخولها أراضيها، لأسباب تتعلَّق بآثارها السّلبيّة على الصّحّة العامّة.
عبر تحليل البيانات الواردة عن مركز الرقابة على الأدوية والأغذية الليبيَّة في هذا الصدد، اتضح لنا أنّ الشحنات المرفوضة تشمل طيفًا واسعًا من الأغذية الطازجة والمجمدة، والخضروات الطبيعيَّة والمنتجات الغذائيّة المصنعة، والتي يعود بعضها لشركات كبرى لها ثقلها ووزنها في السوق المصرية.
المشكلة الأبرز أنَّ المنتجات المصدرة إلى الخارج من المفترض أنها تحظى بعناية ومعايير جودة أعلى نسبيًا عادة من تلك المعمول بها محليًا، بحيث تتناسب مع معايير التصدير، ومع كلّ شحنة ترفض السلطات الليبية استلامها لا نجد في أفضل الأحوال إلا ردودا مقتضبة غير شافية من الحجر الزراعي المصري.
فالتصريح الأبرز والأكثر تداولًا مع كلّ واقعة من السيد أحمد عبّاس، مدير المكتب الفني للحجر الزراعي، هو تصريح خالٍ من أي مضمون تقريبًا. حيث يقول في كلّ مرة إنه ليس لديه أي معلومات عن الشحنة، وإنها قد تكون مهربة، رغم أنّ الجانب الليبي ينشر علنًا كل تفاصيل تلك الشحنات، بداية من الوزن والعلامة التجاريّة ومنفذ العبور الحدودي، وحتى سبب رفض الشحنة.
التسلسل الزمني
في شهر أغسطس الماضي، رفضت السلطات الليبية، على الأقل 3 شحنات غذائية، الأولى شملت 600 صندوق من عصير “تانج” بسبب احتوائها على مادة “الكارمين” التي تستخرج من الخنافس، كما رفضت شحنة جوافة مؤلفة من 500 صندوق لاحتوائها على علامات تعفن ورائحة كريهة، إضافة إلى رفض 400 صندوق فلفل أحمر لنفس الأسباب تقريبًا.
أما في شهر سبتمبر، فقد منعت دخول شحنتيّ صلصة للعلامة التجاريّة “مليكة” بمقدار 2000 صندوق، إضافة إلى شحنة سمن وزن 11 كجم بعدد 3600 عبوة من ماركة “جنّة”، كما رفضت دخول عصائر مانجو مصنعة بعدد 8500 صندوق ووزن 250 مللي من ماركة تسمى “Cheasear”.
وفي أحدث عمليات مراجعة للشحنات، رفضت المعابر الليبية في شهر أكتوبر إدخال شحنة بطاطس مقليّة بطعم الجبنة الفرنسيّة ماركة “أمريكانا” بأكثر من ألف كرتونة، لاحتوائها على باكتيريا “باسيلس” التي تسبب مشكلات مؤقتة في المعدة والجهاز الهضمي، وفي نفس الشهر رفضت أيضا ألفي صندوق من الكعك المُصنع بمذاقات مختلفة لاحتوائه على باكتيريا تدعى “ستاف أوريس”.
تساهل مصري
التدقيق الليبي الصارم في متابعة الصادرات الغذائية المصرية يتسق مع ما أورده بحث أكاديمي نُشرت أجزاء منه في موقع “القاهرة 24” نهاية شهر يوليو الماضي، أشرف عليه 5 من أبرز الأساتذة في قسم الكيمياء الحيوية في كلية الزراعة جامعة القاهرة، وقد أوضح أنّ نحو 40% من العينة العشوائية للحوم المجمدة الموجودة في الأسواق المصريّة والمستوردة من الخارج تعود إلى بقايا خنازير وخيول وحمير، كثير منها مطعم بأعلاف RAC غير الآمنة، التي تساعد في سرعة تكبير الحيوانات.
عوضًا عن تكريم الفريق البحثيّ وتشديد الرقابة على المنافذ الحدوديّة للبلاد ومحاسبة المقصرين، تنصلت جامعة القاهرة من البحث ومن الفريق البحثي، وقال سامح عبد الفتاح، عميد كلية الزراعة حينها، إنّ البحث وفريقه لا ينتمون إلى الكلية، وهو ما كذّبه العميد السابق الذي تابع البحث خلال إجرائه. وهو ما يشير ضمنيا إلى ضغوط تعرضت لها الكلية لنفي علاقتها بالبحث المذكور.
شاركنا رأيك: كيف يمكن للمواطن المصري أن يحصل على غذاء آمن بتكلفة معقولة في بلاده؟