في سبتمبر الماضي أعلنت الحكومة عن فرض “إغلاق” على منظومة الأرز في السُّوق المصريّة بهدف السّيطرة عليها لصالح المستهلك الأخير.
بدأت إجراءات الإغلاق من المنبع، حيث أصدرت الحكومة قراراً يشبه ما حدث في القمح، وهو إجبار الفلّاح على توريد كميّة محدّدة من المحصول للحكومة، عبارة طنّ عن كلّ فدّان، لتأمين الأرز التمويني بسعر أقصى 6850 جنيه للأرز الجيّد، مرورًا بحظر تخزين الأرزّ في غير المخازن المعتمدة، وصولًا لاستخدام المادة العاشرة من قانون حماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكاريّة بتحديد سعر البيع النهائي بـ 15 جنيهًا للأرز المعبّأ الفاخر.
وكان المنتظر وفقا لتلك الإجراءات تداول الأرز بسلاسة داخل تلك الدائرة المغلقة من المنبع إلى المستهلك؛ بحيث يذهب المواطن إلى البقالة ليشتري أفضل أنواع الأرز بسعر لا يتجاوز 15 جنيهًا بأيّ حال من الأحوال؟
كسر الإغلاق
بالنّسبة للفلّاح، فليس من العدالة أن تحصل الحكومة على الأرز في موسم الحصاد بهذا السعر الزهيد الذي يصل إلى حوالي 6 جنيهات للكيلو، في حين يقوم الموردون الكبار بتوزيعه على الأسواق بسعر يبلغ 17 – 18 جنيها عن كلّ كيلو، وبالتّالي فإنّ الحكومة لا تقدّم للفلاح سعرًا تنافسيًا أمام السعر الذي قد يورّد به في السوق الحرّة، وإنما بالكاد يوفّي متطلبات الزراعة والعمالة والتسميد والنّقل.
ولتجاوز العقوبات التي تصل 10 آلاف جنيه عن كلّ طن، أي حوالي ضعف السعر الذي تشتري به الحكومة الأرز من الفلّاح، يحاول بعض فلاحي الدلتا التحايل على القرار بالإبلاغ عن سرقة أجزاء من المحصول وتوثيق تلك البلاغات في محاضر رسميّة، بحيث يمكنهم بيع الكمية الموفورة في السوق الحرة وتحقيق بعض الأرباح، على نحو ما رصد بعض متابعي الشأن الزراعي.
في نفس الوقت، فإنّ شركات التعبئة المعروفة في السُّوق المصريّة عملت على سحب كميّات ضخمة من الأرز المطروح في السوق بأسعار تنافسية، لكي تعيد ضبط السعر بحيث لا يتجاوز الحدّ الأقصى الّذي حددته الحكومة بـ 15 جنيهًا للكيلو، تجنبا أيضًا للغرامة التي قد تصل إلى 5 ملايين جنيه، حال مخالفة التسعيرة الإجباريّة.
وفي الوسط بين الفلّاح وشركات التعبئة، استغلّ عدد من الموردين الكبار رغبة الفلاح في البيع بسعر مربح ونقص الأرز المصري المعبأ في المتاجر الكبرى بعد سحب الشركات الكميات من المتاجر لإعادة تحديد السعر، بتخزين كميّات كبيرة في مخازن خارجية لتعطيش السوق، أو بيعه إلى الدول المجاورة الغنية، لا سيما ليبيا، مهربًا بالدولار.
الأمر الواقع
لا يبدو أنّ الدائرة المغلقة التي أرادت الحكومة وضع أطراف المنظومة بداخلها تسير وفقا للخطة، إذ طرحت وزارة التموين كميات كبيرة من الأرز سيء الجودة بسعر يتراوح بين 10 – 11 جنيهًا، لكنّها وجدت عزوفًا من المواطن عن شرائه، ما أدّى إلى طرح كميّات من الأرزّ المصري الجيد عريض الحبة، ولكنه يصل إلى المستهلك على بطاقة التموين بسعر 17 جنيهًا للكيلو.
في المتاجر الكبرى، يشتكي المستهلكون من عدم توافر الأرز المعبأ الذي تعودوا عليه من شركات: الضحى والساعة والمطبخ، لدرجة وصف محمود العسقلاني رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء” الأرز بأنه صار يعامل معاملة ”المعادن النفيسة”، فيما تقول تلك الشركات في بيانات رسمية، إنها تنصاع لخطة الحكومة ولكنّ المشكلة في عمليّة إحلال الأكياس المدون عليها أسعارٌ قديمة بالأسعار المتناسبة مع تعليمات الحكومة.
وعلى أرض الواقع، وبالرغم من تحذيرات الحكومة؛ فإنّ للسوق كلمته، فعندما يذهب المواطن القاهري لشراء كيلو الأرز السائب، فإنه يجد سعره يبدأ من 15 جنيها، خلافا للسعر الذي حددته الحكومة بـ12 جنيها، وفي أفضل الأحوال، يقول المتجر إنّه ليس لديه أرز أصلا، تجنبا للاشتباك مع المواطنين وتعريض نفسه للمساءلة القانونية حال البيع بسعر أعلى من التسعيرة.
شاركنا؛ ما هو سعر الأرز المصري في منطقتك؟ وهل يلتزم الباعة بالتسعيرة الإجبارية؟