مع بداية العام الدراسي الجديد مطلع أكتوبر الحالي، شهد قطاع التعليم عدداً كبيراً من الأخبار غير السّارّة، ما بين سقوط أبنية تعليمية فوق رؤوس الطلاب، إلى تعرُّض بعض التلاميذ لعنف شديد من المعلمين، وصولاً حتى إلى عدم قدرة النظام المروري على تحمل الكثافات الطلابية، رغم الحديث المتكرر عن تطويره.
في محافظة الجيزة غرب القاهرة سقط جدار على رأس الطالبات بمجرد دخولهنّ إلى مدرسة المعتمدية الإعدادية بنات بكرداسة مما أدّى إلى وفاة طالبة وإصابة 15 طالبة أخرى، وهو نفس السيناريو الذي تكرر أيضا في مدرسة قاسم أمين الإعدادية بنات شمالا بالإسكندرية، ما طرح تساؤلات عن مدى نجاح الحكومة في الاستعداد للعام الدراسي الجديد.
مشكلة متجذرة
مصادر تعليمية من دولاب الحكومة تحدثت إلى الصحافة عن سبب تكرار تلك الحوادث مؤخرًا، فأشارت إلى أنّ المشكلة تعود في الأساس إلى عدم قدرة وزارة التربية والتعليم على تدبير المخصصات المالية اللازمة لهيئة الأبنية التعليمية المسؤولة عن ترميم المدارس في العام المالي الحالي 2022-2023، والذي تزامن إقرار ميزانيته مع نهايات عهد وزير التعليم السابق طارق شوقي.
فبينما جرى الاستقرار وفقا للمعايير الفنية على ضرورة ترميم 2800 مدرسة بصورة عاجلة مع بداية العام الدراسي الحالي من أصل 49 ألف مدرسة؛ فإنّ المخصصات المالية الموجودة تحت تصرف الهيئة لم تسمح سوى بتطوير 1350 مدرسة تطويرًا إنشائيا، وهو أقل من نصف العدد المطلوب، وذلك بتكلفة 1.8 مليار جنيه، ليتبقى 1450 مدرسة في حاجة إلى الترميم دون مخصصات مالية.
النواب: ما باليد حيلة!
النائبة في البرلمان مها عبد الناصر، قالت إنّه تم تقديم طلبات إحاطة بالفعل بخصوص بعض المدارس التي شهدت حوادث مؤخرا، وذلك قبل وقوع تلك الحوادث، بما فيها مدرسة المعتمدية في كرداسة. ولكنّ المشكلة كما تقول النائبة في ضعف الموازنة المخصصة للتعليم من البداية؛ فبعد استبعاد بنود الإنفاق على ديوان الوزارة والإداريين والأجور في الموازنة الجديدة للتعليم والتي تقدر بنحو 130 مليار جنيه، فإنّ الموازنة تكاد تكون غير موجودة، ملاليم بشهادة المعلمين، حتى أنّ بعض الفصول في المدارس تُرمم شكليا بما يعادل 50 جنيها للفصل على نفقة المدرس نفسه!
وتضيف عبد الناصر في نفس السياق إنّ هناك خللا في الأولويات العامة في الإنفاق، وترحيلا للمشكلات “فالاهتمام بالبشر لا يقل أهمية عن الاهتمام بالحجر”، ومع أهمية المشروعات القومية التي تتبناها الحكومة هنا وهناك، فإنّ تلك الأعمال، دون عناية بالعامل البشري عبر التعليم، لن يظهر أثرها المرجو على المجتمع.
تجاهل المشكلات الرئيسية
بعض خبراء السياسات العامة رصدوا ما أسموه منهجا حكوميا في التعامل مع المشكلات المتجذرة في التعليم عبر التشويش والترحيل؛ فالأداة الحديثة “التابلت” والمنهج الجديد والامتحانات الذكية والقناة التي تبث شروحا للمنهج، رغم أهميتهم، كانت وسائل للهروب من المشكلات الأهم، والتي أولتها كل التجارب الدولية الرائدة اهتماما كبيرا مثل تحسين وضع المعلم وتقليل الكثافة الطلابية في الفصول.
بالإضافة لذلك؛ تجري محاولات إعلامية لتصدير فكرة مسؤولية المجتمع عن تردي أوضاع التعليم عبر شماعات الزيادة السكانية ونقص الموارد، وهو ما يجافي الحقيقة؛ لأن الحكومة تعلم جيدا منذ فترة طويلة أن المجتمع يزيد سنويا بنحو 2 مليون نسمة، فلم يكن الأمر مفاجئا لأحد، كما أنّ هناك 12 دولة عربية تتفوق على مصر في جودة التعليم، من بينها 6 دول خارج دول الخليج النفطية الغنية بالموارد.
شاركنا رأيك: كيف يمكن العمل على تفادي حوادث انهيار الأبنية على رؤوس أبنائنا في المدارس الحكومية مستقبلا؟