من سوء التغذية إلى الجوع: هكذا يحاول المصريون البقاء على قيد الحياة!

صنَّف الأمريكي المعروف أبراهام ماسلو الاحتياجات الأساسية كالطعام والشراب على رأس الاحتياجات النفسية فيما يعرف بـ“هرم ماسلو” الشهير، وذلك قبل أيِّ تفاصيل أخرى، استنادًا إلى البدهيَّة الثابتة عن ضرورة توافر مستلزمات البقاء للإنسان أولا، لكي يستطيع العمل والبناء والانخراط في المجتمع.

بين عصرين

ركَّز السيسي، أكثر من غيره من الحكام، على ضرورة أن يحافظ المصريون على صحَّتهم بعيدًا عن النحافة والسُّمنة، وذلك للانخراط في خطته لتجديد البلاد، وتخفيف العبء على القطاع الصحي من خلال التغذية المتوازنة، تأسيًا به في الرشاقة والحفاظ على ممارسة الرياضة.

سابقا، كان يعرف عصر مبارك بأنَّه عصر “سوء التغذية” لا لوصول معدلات التقزم والسمنة أرقامًا قياسية تصل إلى 20% من أطفال مصر فقط، وإنما للجوء المصريين في عهده إلى عادات غذائية غير سليمة لتفادي الجوع مثل التركيز على الخبز والنشويات والزيوت والسمن، عوضًا عن البروتينات واللحوم الحمراء مرتفعة السعر.

إن التكيُّف والتغير في أنماط الغذاء ثابت ومعروف في تعاطي المجتمعات والأسر مع المستجدَّات الاقتصاديَّة التي قد تصيبهم، مثل ارتفاع الأسعار وثبات الأجور؛ وهو ما أشار إليه ورصده الباحثون منذ وقت طويل، مثل الدراسة التي أصدرها عالم الاجتماع سعيد المصري بعنوان “كيف يتشبث الفقراء بالحياة في ظل الندرة؟” بتاريخ 2012، والَّتي رصد فيها كيف وصل المصريون في نهاية حقبة مبارك في بعض المناطق إلى عادات بائسة لتفادي الجوع وقلة ذات اليد، مثل تقليل عدد الوجبات والتركيز على تناول الخبز.

لذا وفقًا لدعوة السيسي للعناية بالصحة، وتبشيره بأنه جاء ليحنو عليهم، ولإخراجهم من العوز بنص كلامه، وجعل بلادهم “قد الدنيا”، كان متوقعا أن تصب إصلاحاته، في النهاية، في طبليَّة المصريين وموائدهم، بحيث تزيد قدراتهم على الشراء والاختيار من أطباق متعددة، حسب الذوق والفائدة المنتظرة والتنوع في السلة الغذائية.

نتائج عكسية

بالرغم من إصراره على تقريع المواطنين على عدم العناية بأجسادهم، فإنّ الواقع يقول إنّ قدرة المصريين على الطعام، الذي هو الحاجة الأولية للحياة، تتقلص كما ونوعا. فلم يعد المواطن قادرا حتى على توفير السلة الغذائية التي تسبب له “سوء التغذية” سابقا مثل العيش والنشويات؛ وذلك بعد ارتفاع سعر رغيف الخبز المدعم، والذي ترجمته الحكومة إلى تخفيض في وزن الرغيف ليصل فعليا إلى نحو 50 جراما في بعض الأماكن، وشحِّ المنتجات المزروعة في مصر ، مثل الأرز الذي تراوح سعره ما بين 15 إلى 20 جنيهًا في الأسواق المحلية، وهو نفس سعر السكر تقريباً، مع وصول زجاجة الزيت وزن 750 مللي إلى 40 جنيها على الأقل.

في هذا السياق، تلاحظ تغيرات في مائدة المصريين خلال السنوات الأخيرة، فبعد عقود كانت فيها “السقط” باللحوم الحمراء (الرئتين والذيل والرجول) خارج إطار استهلاك المواطن، صار لها سوق وأسعار ومستهلكون، وهو ما حدث في الدجاج أيضا مع إقبال العديد من المواطنين على شراء أجزاء طالما كانت غير مستساغة منها مثل الهياكل، والتي وصل سعرها 40 جنيهًا، بينما كانت قديما بلا ثمن وغير مدرجة على سلة غذاء المصريين.

حلول غير عملية

مؤخرًا، اقترح المعهد القومي للتغذية أيضًا تناول أرجل الدجاج بدلا عن الأجزاء الأخرى الغالية مثل الصدر والأوراك، وهو ما أدَّى إلى وصول سعرها إلى 20 جنيهًا بعد تلك الدعوة مباشرة، كما اقترح إعلاميُّون مثل المذيع أحمد موسى تناول الشاي دون سكر، والتركيز على العسل في التحلية، أما هاني الناظر المدير السابق للمركز القومي للبحوث فاقترح أن يتناول المواطن “الفريك” بدلا عن “الأرز”، وهو ما قال المواطنون إنها اقتراحات أبعد ما تكون عن الواقع نظرًا لغلو تلك البدائل.

كذلك أفاد عطَّارون بوجود إقبال ملحوظ في الشتاء على شراء “الأعشاب” كبديل عن أدوية الإنفلونزا التي قفزت أسعارها مع القيود على الاستيراد وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، واقترح مواطنون أن يتم شراء الملابس “المستعملة” من البالات في الأماكن المعروفة بديلا عن الملابس الجديدة باهظة الثمن.

– كمواطن مصري، كيف تتكيف مع غلاء الأسعار مؤخرا، وما أثر ذلك على نوعية طعامك؟

أضف تعليقك
شارك