ادفع للحكومة كي تتزوج

في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق وانتشار البطالة وعزوف العديد من الشباب عن الزواج لعدم قدرتهم على ادخار نفقاته، ومعاناة أغلب المواطنين في توفير الأموال اللازمة لشراء الطعام والأدوية والنفقات الدراسية لأولادهم فضلا عن مساعدة أبنائهم من الشباب على تحمل تكاليف الزواج وفتح بيت جديد، كان من المتوقع أن تتخذ الحكومة إجراءات تسهل على الشباب الإقبال على الزواج من قبيل تيسير الحصول على شقق سكنية بأسعار مخفضة أو قروض حسنة لدفع نفقات شراء الأثاث، لكن ما حدث هو العكس وبشكل صادم.

صندوق دعم الأسرة

تحدث السيسي خلال افتتاحه مصنعين للغازات الطبية والصناعية في نهاية ديسمبر 2022 عن إعداد الحكومة لعدة إجراءات في قانون جديد للأحوال الشخصية تتضمن اشتراط إجراءات كشف طبي للمقبلين على الزواج، وعرضهم على لجنة يرأسها قاضي لتحديد مدى أهليتهم للزواج، ودفع مبلغ مالي لصندوق اسمه “صندوق دعم الأسرة المصرية” بحجة استخدام أموال الصندوق في دعم الأسر خلال الأوقات الحرجة، وتعهد بأن تدفع الدولة للصندوق مبالغ تماثل ما سيدفعه المواطنون.  ثم قال “الناس بتعمل أفراح وتشتري شبكة وأثاث وفرش، فلا يصح أن يرفضوا دفع أموال للصندوق الجديد”. بينما كشف وزير العدل عمر مروان أن الحكومة لم تحدد بعد مقدار المبلغ المطلوب دفعه من كل عريس للصندوق.

الإسراع للزواج

فور إدلاء السيسي بتصريحاته تضاعفت أعداد المقبلين على الزواج من المخطوبين سابقا، لتجنب تحمل أي أعباء مادية إضافية، حتى أدى ذلك إلى ظهور أزمة في دفاتر عقد القران التي يحصل عليها كل مأذون من المحكمة التابع لها، وأصبح المأذون الذي يستخدم عادة دفتر واحد يوميا، يحتاج إلى 4 دفاتر يوميا، وهو ما أسفر عن أزمة في ظل عدم توافر عدد كبير من الدفاتر لدى المحاكم.

الحكومة تعاملت مع ظاهرة الإقبال على عقود الزواج بحزم، إذ سارعت لإلقاء القبض على مساعد مأذون يُدعى ياسر القرشي عقب نشره منشورا على الفيسبوك يدعو خلاله الشباب لتعجيل إتمام إجراءات الزواج قبل تطبيق القانون الجديد، وزاعما أن الرسوم المطلوبة لصندوق دعم الأسرة ستصل إلى 50 ألف جنيه.  وأصدرت النيابة العامة بيانا قالت خلاله إن القرشي  يباشر أعمال المأذونية وتوثيق عقود الزواج بتفويض من المأذون الشرعي لناحية الفوالة بحي عابدين، ومن ثم اتهمته بادعاء العمل كمأذون!  ونشر أخبار كاذبة عن سوء قصد، وأمرت بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات فضلا عن إخلاء سبيل المأذون الشرعي الذي يعمل القرشي معه بكفالة قدرها خمسة آلاف جنيه.

لكن الملفت أن رئيس محكمة الأسرة السابق المستشار عبد الله الباجا  الذي سبق أن طالبه السيسي في مايو الماضي قبل خروجه للمعاش مؤخرا بتشكيل لجنة لإعداد قانون جديد للأحوال الشخصية، قال أنه اقترح في مسودة القانون أن يدفع كل مواطن مقبل على الزواج مبلغا يتراوح من 1000 إلى 100 ألف جنيه حسب حالته المادية، وهو ما يفوق المبلغ الذي أشار له مساعد المأذون ياسر القرشي، وكان سببا في سجنه، بينما لم يقترب أحد من المستشار الباجا.

تداعيات مخيفة

من المعلوم أن القوانين التي تمس كافة المواطنين تحتاج إلى حوار مجتمعي، ودراسة متأنية لتداعياتها كي لا تؤدي إلى كوارث بدلا من أن تحل المشاكل. فعندما يجتمع الغلاء مع الفقر والبطالة بجوار رسوم على الزواج، سيدفع ذلك باتجاه المزيد من العزوف عن الزواج مما يضعف حيوية وشباب المجتمع ويخل بتوازنه السكاني، كما أنه يفتح بابا واسعا للعلاقات غير المشروعة خارج الزواج بهدف تفريغ الطاقة المكبوتة، وهو ما ينعكس عادة على زيادة جرائم الشرف والإجهاض ومعدلات الأطفال مجهولي النسب. إن دور الحكومة هو معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وليس صك قوانين غير مدروسة ومفاجأة المجتمع بها رغم أنه المتضرر الأول منها.

شاركنا رأيك بخصوص إجبار الحكومة للمقبلين على الزواج بدفع رسوم لصندوق دعم الأسرة المصرية.

أضف تعليقك
شارك