الجامعات الأهلية: اختراع جديد لخصخصة التعليم العالي!
في أكتوبر 2021، قال السيسي للفريق الحكومي المعاون إنه يطمح لتنفيذ 15 جامعة أهلية في مصر في أقصى وقت ممكن، لكي يكون طلابها وخرِّيجوها مُعدّين جيداً لسوق العمل الداخلي والخارجي، خلافاً للطلاب متواضعي القدرات من طلبة الجامعات العادية.
|ما هي الجامعات الأهلية؟|
الجامعات الأهلية هي اختراع جديد في سوق التعليم العالي في مصر، وتعود براءة الاختراع الخاصة به للسيسي، الذي كان أول من أعلن تلك الفكرة.
للتقريب، تشبه الجامعات الأهلية أنماط الإسكان المرفَّه التي تبنيها الحكومة مستفيدة من حيازتها للأرض وإمكان التفاوض على أسعار البناء والتوريدات؛ ثم تعيد بيعها للزبون القادر على الشراء، والذي يحب التعامل مع الحكومة، بأسعار تنافسية.
فالجامعات الأهلية، رغم أنها حكومية اسماً وإدارة، إلا أنها تشبه الجامعات “الخاصة” في كل شيء؛ إذ يمكن للطالب أن يلتحق بأبرز كلياتها من خلال مجموع ضعيف مقارنة بالتنسيق الخاص بالجامعات الحكومية، كما أنه يدفع مصروفات باهظة، ويحظى بخدمة فندقية في الإقامة الداخلية، وقد صممت تلك الجامعات على النمط الفاره المعروف بالجيل الرابع، وقامت بعمل توأمة مع الكثير من الجامعات الأجنبية. ولكنها تظل حكومية اسماً!
|الهدف من الجامعات الأهلية|
يسعى الطلاب المصريون إلى الدراسة في الجامعات في الخارج بأعداد متزايدة تصل لنحو 35 ألف طالب سنويا، ما يساهم حسب الحكومة في تدفق العملة الصعبة إلى خارج البلاد بمعدل يوازي 20 مليار جنيه بالتزامن مع هجرة العقول، وبالتالي تفتق ذهن الحكومة عن بناء جامعات أهلية بمواصفات خاصة لجذب الطلاب الراغبين في السفر للتعلم بالخارج.
|استجابة سريعة|
قبل إعلان نتيجة الثانوية العامة لهذا العام بعدة ساعات، أعلنت وزارة التعليم العالي تحقيق رغبة السيسي في سرعة الانتهاء من تنفيذ الجامعات الأهلية المطلوبة لكي تصبح جاهزة للعام للدراسيِّ الجديد. ومن أبرز الجامعات الأهلية التي تستعد لاستقبال الطلبة هذا العام: شرق بورسعيد، والإسماعيلية، والإسكندرية، والزقازيق، والمنوفية، والمنصورة، وحلوان، وبنها، والمنيا، وأسيوط، وبني سويف، وقنا.
إحدى الجامعات التي احتفت بها وزارة التعليم العالي خصيصاً بسبب إنجاز 11 كلية منها تزامناً مع العام الدراسي الجديد، هي جامعة بني سويف الأهلية الجديدة، التي تكلفت المرحلة الأولى منها 3 مليارات جنيه، على مساحة 42 فداناً.
وتضمُّ كلية الهندسة في تلك الجامعة “برامج” دراسية معدة خصيصاً لهذا النمط من الجامعات، على غرار برامج: الطاقة الجديدة والمستدامة، والعمارة الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، وهندسة الأمن السيبرانيّ.. وفي المجمل تكلفت “المرحلة الأولى” لتلك الجامعات 39 مليار جنيه، بمعدل نحو 3 مليارات جنيه للمرحلة الأولى من كل جامعة.
|مجاميع أقل وأسعار أكبر|
وفقاً لتنسيق العام الدراسي الماضي 2021 – 2022، فإنه كان يمكن لطالب الثانوية العامة الحائز على مجموع 55% فقط، أن يلتحق بأرقى الجامعات الأهلية، جامعة الملك سلمان في جنوب سيناء، في كليات مثل التربية والحقوق، كما يمكنه أن يلتحق بكلية الإعلام من 60%، والهندسة من 70%.
في نفس الوقت، فإنّ المصروفات السنوية لتلك الجامعات بدأت من 31 ألف جنيه، وحتى 140 ألف جنيه، حسب الكلية، فيما بلغت تكلفة السكن الداخلي في جامعة الملك سلمان، شاملة الوجبات، 10 آلاف جنيه شهرياً. ومع ذلك، تقول الحكومة إن تلك الجامعات غير هادفة للربح، وإنها بالكاد تنفق على مصروفاتها.
قبل نتيجة الثانوية العامة هذا العام مباشرة، أوصى السيسي بمزيد من الإجراءات الجاذبة لتلك الجامعات، مثل توفير منح للطلبة المتفوقين في الثانوية العامة للدراسة بها والتخفيض في المصروفات دون بيان نسبة التخفيض، فيما يرى خبراء أكاديميون مثل نور فرحات وكمال مغيث أنّ ذلك النمط الجديد من الجامعات هو إمعان في استنزاف جيوب المصريين الطامحين لتعليم أبنائهم تعليماً جيدا على أساس أن التعليم هو السبيل الأكثر إتاحة لتحسين الوضع الطبقي للأسر.
في رأيك: هل هناك علاقة بين نظام الثانوية الجديد الذي أدى إلى خفض المجاميع وبين تلك الجامعات؟