غشّ جماعي وعبث بالدرجات.. وقائع غريبة في نتائج الثانوية العامة

غشّ جماعي وعبث بالدرجات.. وقائع غريبة في نتائج الثانوية العامة

من المفترض أنّ النظام الجديد للثانوية العامة الذي اقترحه طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المقال مؤخرا وفريقه المساعد، يعالج في الأساس أخطاء الماضي الممثلة في تسريب الامتحانات، والغش الجماعي، والاعتماد على مكتب التنسيق وحده في اختيار المجال الذي يدرسه الطالب في مرحلة الجامعة.

تقوم الخطة في الأساس على طباعة الامتحانات في مطابع تابعة لأجهزة سيادية منعاً لتسربها، ووضع امتحانات غير تقليدية منعاً للتلقين والإجابات المعلبة، وقيام الشرطة بالتأمين خارج اللجان منعاً لأي مؤثرات خارجية على الطلبة أثناء أداء الامتحان، ووضع كاميرات مراقبة في كل لجنة تتكون من حوالي 20 طالبا منعاً للغش الجماعي، وتصحيح الأوراق إلكترونياً منعاً لتدخل العنصر البشري، إضافة إلى الحد من انتقال الطلاب إلى “لجان الأكابر” بقرار وزاري قبل الامتحانات بأسبوع.

|وقائع غش جماعي|

في الأصل، كانت الوزارة على علم بأنّ عدداً من اللجان في محافظات معينة في منطقة الصعيد معروفة بمحاولات التحايل على منظومة الامتحانات وتسريب الأسئلة والغش الجماعي، ففي تقرير لموقع “الساحة”، تعود تلك الممارسات إلى عام 2007، حينما حاول مدير التربية والتعليم في أسيوط محمد مهنى تسهيل مهمة ابنه في الثانوية، ما أدى إلى عقابه بالنقل من طرف وزير التربية والتعليم يسري الجمل.

تكررت الوقائع المشابهة في الأعوام التالية في محافظات أخرى من الصعيد، وسط شكوك حول استخدام بعض العائلات نفوذها الاجتماعي للتأثير على المصححين في المنيا وقنا، حتى صارت دوائر محددة مثل جهينة ودار السلام في سوهاج مضرباً للمثل في تلك الممارسات الملتوية للتحايل على المسار السليم في أداء الامتحانات.

ومع ذلك، فقد نجح 1800 طالب، كما تقول جريدة الأهرام، في التحويل إلى لجان بعينها في محافظات الصعيد، قبل إصدار الوزير قراره الخاص بعدم التساهل في عملية التحويل، وبمجرد ظهور النتائج رسمياً بدأت الشبهات تحوم حول أسماء عائلات بعينها في سوهاج هي عائلات: أبو عقيل والضبع وصقر والشرقاوي، حيث حصل معظم أبناء تلك العائلات على مجاميع مرتفعة بمعايير النظام الجديد لا تقل عن 80%، كما كشفت مراجعات قام بها بعض المعلمين أنّ مدارس مثل “عبد الحميد رضوان” في دائرة دار السلام بالمحافظة نفسها، حصل طلابها جميعاً على الدرجات النهائية تقريباً في اللغات الأجنبية، الإنجليزية والألمانية، وهو ما أثار علامات الاستفهام مجدداً حول قدرة كل الطلاب في نفس اللجنة، على تقفيل مواد اللغات!

|العبث بالدرجات|

في نفس الوقت، فإنّ طلابا تقول كل القرائن السابقة إنهم سيحصلون على درجات مرتفعة أو معقولة على الأقل في الثانوية العامة، حصلوا على درجات غير منطقية، من حيث انخفاضها وعدم تناسبها مع مستوياتهم السابقة وأدائهم طوال العام.

أبرز تلك الحالات، كانت للطالبة مريم إبراهيم عزيز برسوم من محافظة المنيا، والتي حصلت على مجموع كلي 12.5%، بمعدل 5 درجات في اللغة العربية، و4 درجات في اللغة الإنجليزية، ودرجة واحدة في الفرنسية، ونحو 30 درجة إجمالاً في مواد التخصص الثلاث (علمي علوم)؛ في حين أنها كانت “الأولى” على مدرستها في الشهادة الإعدادية، وحصلت طوال مسيرتها الدراسية على 32 شهادة تقدير.

كذلك، فقد بثت إحدى السيدات مقطعاً مصوراً من داخل إحدى غرف الكونترول في 6 أكتوبر، خلال عملية الحساب الإلكتروني للدرجات، تقول فيه إنّ بعض أولياء الأمور يدفعون مبالغ لرفع درجات ذويهم في تلك المرحلة من الرصد، لأنّ تعديل الدرجات بعد صدور النتيجة رسمياً سيكون صعباً ومضاعفاً من حيث التكلفة، فإذا كان ولي الأمر أو الطالب يدفع 20 ألف لرفع درجاته خلال الرصد، سيضطر لدفع 40 ألف جنيه للتعديل بعد ظهور النتيجة، من خلال ثغرة الالتماسات.

|أسوأ ثانوية عامة|

تنصلت الوزارة من ذلك المقطع وقالت إنها ستلاحق قانونياً من قام بنشره وتصويره، وقالت إنها فتحت تحقيقاً عاجلاً لبحث تشابه درجات أبناء بعض العائلات في الصعيد، وأوصى طارق شوقي قبيل إقالته الرأي العام بعدم التطرق كثيراً إلى الحديث عن الغش؛ لأنّ ذلك من شأنه أن يؤثر سلباً على سمعة ومكانة شهادة الثانوية العامة في مصر.

من جانبه، قال الخبير التربوي البارز كمال مغيث إنّ كل الشواهد مثل لجان الأكابر والتسريب الإلكتروني واستلام النماذج ليلة الامتحان نظير مبالغ مالية، تقود إلى الحكم بأننا أمام أسوأ ثانوية عامة في التاريخ المصري الحديث! وعليها، لن نجد العام القادم لا مدارس ولا طلبة علم ولا تعليم، وإنما فقط باحثين عن النجاح بأي وسيلة.

– في رأيك: هل نجح النظام الجديد

أضف تعليقك
شارك