مزارعي الدواجن من صغار الفلاحين.. مهنة ربما تصبح ذكرى!

 

يواجه 3.5 مليون عامل بقطاع مزارع الدواجن في مصر خطر فقدانهم عملهم، فمنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، تعرض الاقتصاد المصري للعديد من الضربات زادتها القرارات الحكومية الاقتصادية الكارثية التي سكبت المزيد من الزيت على النار لتطال فئة جديدة من المواطنين، وهذه المرة هم فئة صغار الفلاحين من مزارعي الدواجن، والتي وفرت للسوق المحلي حتى فترة قريبة الاكتفاء الذاتي من الدواجن، كما شكلت أيضًا مصدر دخلًا إضافيًا للعديد من الأسر، حيث كانت وظيفة تقوم بها ربات البيوت في الريف لتقليل النفقات الأسرية على الطعام، إلا أن تلك الوسيلة لمواجهة الحياة اليومية الصعبة ربما أصبحت من الماضي.


أزمة الدولار كالعادة

يعد ارتفاع أسعار الأعلاف عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية واحدًا من الأسباب المباشرة التي أثرت على نشاط مزارعي الدواجن من “صغار الفلاحين” في مصر، والذين يشكلون عصب سوق الدواجن المحلي، حيث تقارب نسبتهم 70% من حجم صناعة الدواجن في البلاد على حد تصريح “ثروت الزيني” نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن.

إن ما يقارب 80% من مدخلات صناعة الأعلاف من الذرة وفول الصويا والمركزات الصناعية هي في الأساس سلع مستوردة ولا يوفرها السوق المحلي. وفي ظل التخفيض المستمر لقيمة الجنيه أمام الدولار، وصل سعر طن العلف لأرقام فلكية. فبين شهري فبراير 2022 الذي اندلعت فيه الحرب ونوفمبر 2023 زاد طن العلف من 8000 جنيه ليصل إلى 24000 جنيه. وبالنسبة للمزارع الصغير الذي يتعامل بشكارة “العليقة” البالغ وزنها 50 كيلو، فقد عانى من وصول سعرها إلى عشرة آلاف جنيهًا. وبالتالي فبحسب “ثروت الزيني” توقف 40% من منتجي الدواجن عن التربية والإنتاج بسبب نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها.

الدور الحكومي الكارثي

انتشرت مزارع الدواجن لصغار الفلاحين في سبعينيات القرن الماضي على إثر أزمة الغلاء التي فجرت “انتفاضة الخبز” 1977 حيث لجأت الحكومة آنذاك لدعم مزارع الدواجن لتكون بديلًا بروتينيًا عن اللحوم الحمراء والدواجن المستوردة. وتوسع الرئيس السادات في تبنيها، فافتتح محطة “دواجن تلا” بالمنوفية سنة 1979، وأصدر قرارًا يحث بنك التسليف الزراعي التعاوني على تقديم قروض للمزارعين الراغبين في إنشاء مزارع للدواجن بفائدة لا تزيد عن 3%..

أما الآن، تصل فائدة قروض الدواجن لصغار المربين في البنوك إلى 5% كما أنها تشترط العديد من الشروط التي تعيق المربين عن اللجوء إليها. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تخلت الحكومة تمامًا عن دورها تجاه صغار المزارعين، بل اشتركت في خنقهم بواسطة العديد من القرارات وفي مقدمتها التخفيض المستمر لقيمة الجنيه، وفي نهاية عام 2022 احتجزت الحكومة العلف في الموانئ مما سبب أزمة دفعت المزارعين إلى إعدام “كتاكيت التسمين” الخاصة بهم. ورغم وعود الحكومة المتعددة بزيادة الإنتاج المحلي من مدخلات صناعة الأعلاف مثل الصويا، إلا أنها لم تنفذ هذا الوعد بشكل جاد.

أثرت تلك المشاكل على المعروض في السوق، وفقد أدت إلى تناقص الإنتاج من نحو 2 مليون طائر يوميًا إلى عتبة 700 ألف طائر فقط. ويرى بعض العاملين في القطاع أن انسحاب صغار المربين، سيفتح الأبواب أمام مافيا “المستورد” والاستثمار الأجنبي في القطاع الذي كانت مصر تمتلك منه كفايتها الذاتية!

شاركنا تجربتك بخصوص معدل استهلاكك للدواجن، ومدى ارتفاع سعرها، وهل تقوم بتربيتها أم لا.

 

أضف تعليقك
شارك