تأثير سلاح المقاطعة

 

بعد معركة طوفان الأقصى التي باغتت الاحتلال، انهال الطيران الإسرائيلي بالقذائف على المدنيين في قطاع غزة، وردا على ذلك انتشرت دعوات لمقاطعة عدد كبير من المنتجات الأجنبية بدافع الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية ودعمها من خلال التسبب في خسائر اقتصادية للشركات التي تؤيد الاحتلال.

كيف برزت المقاطعة؟

المقاطعة هي نوع من أنواع الاحتجاج السلمي تجاه منتج أو شركة بعينها عبر الامتناع التام عن الشراء أو التعامل معها وبالتالي إلحاق خسارة اقتصادية بها. بدأت المقاطعة تتبلور بصورة أوضح سنة 2000 مع بدء الانتفاضة الثانية، حيث تأسست “اللجنة الشعبية المصرية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني” والتي دعت إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو منتجات الشركات الداعمة للاحتلال.

في عام 2005 جرى تأسيس حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل (BDS) والتي تعمل على نفس الهدف لكن بشكل أكبر دولياً، حيث تهدف إلى توحيد الرأي العام العالمي وضم الاتحادات الشعبية والنقابية بالإضافة إلى الشخصيات البارزة وتجميع صفوفها بهدف فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل أو على الشركات التي تؤيدها وتتضامن معها.

غزة .. وتجدد المقاطعة

بعد الأحداث الأخيرة في غزة بدت حركة المقاطعة أشد عمقاً وأكثر تأثيراً خاصة تلك التي تستهدف منتجات ومطاعم وكافيهات بعينها، مثل مطعم ماكدونالدز الذي قدم وجبات مجانية لجنود وضباط الجيش الإسرائيلي.

لقد قادت مواقع التواصل الإجتماعي فضلاً عن الحركات الطلابية والشعبية حملات لمقاطعة المنتجات التي ترتبط بمؤسسات وشركات تدعم سياسات الكيان الصهيوني، مع طرح بديل محلي الصنع لتشجيع الناس أكثر على المقاطعة. كذلك اتسعت المقاطعة لتشمل المنتجات الأمريكية والفرنسية والألمانية بعد المواقف المخزية لحكومات تلك الدول من العدوان.

هل تؤدي المقاطعة إلى نتيجة ملموسة؟

حسب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات BDS ففي مصر تمكنت حملات مقاطعة شركة أورانج الفرنسية في سنة 2014 ردا على دعمها لعدوان عام 2014 عبر تقديم خدمات اتصالات وترفيه، من إجبار الشركة على سحب استثماراتها من الأراضي المحتلة. وفي عام 2011 قامت شركة أجريكسكو التي تعمل بشكل رئيسي على إنتاج المنتجات الزراعية في المستعمرات الإسرائيلية، بتصفية نفسها بعد حملة مقاطعة كبيرة ومؤثرة.

وبشكل إجمالي انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لإسرائيل بنسبة 46% بسبب تداعيات الحرب ومن ضمنها حملات المقاطعة التي أطلقت في سنة 2014، وهو ما قُدر بنحو 15 مليار دولار.

أما في عام 2023 وعلى إثر حركة المقاطعة الحالية، فلقد انخفضت مبيعات ماكدونالدز في مصر بحسب وكالة رويترز إلى 70% على الأقل مقارنة بشهور ما قبل بداية الحرب، وهو أمر ملاحظ في خلال انخفاض عدد المترددين على سلسلة المطاعم.

تبدو حركة المقاطعة الأخيرة والتي انتشرت بشكل واسع مختلفة عن كل حركات المقاطعة السابقة، حيث يلتقي فيها الدعم للقضية الفلسطينية مع الشعور بالتحرر من قيود “البراند” والمظاهر الاجتماعية الفارغة، وهو ما يقوض العادات الاجتماعية التي ارتبطت ببعض المظاهر الشكلية الجوفاء مما يساعد على تحرير النفس من العادات الاستهلاكية المستنزفة ماليا والمضرة صحيا.

أضف تعليقك
شارك