تعاني مصر من أزمة في العمالة غير الرسمية، وهي ما يُقصد به الأعمال التي يشرع فيها أصحابها بدون التمتع بضمانات اجتماعية أو عقود دائمة مما يجعلهم عرضة للخطر بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعملون فيها.
بجوار ما سبق، فإن 23% من العمال غير الرسميين يواجهون مشكلة إضافية تشكل عليهم خطراً من نوع آخر، وهي مشكلة المناخ وارتفاع درجات الحرارة في أماكن عملهم التي تقع خارج منشآت تحميهم من حرارة الشمس، كما هو الحال بالنسبة لعمال النظافة والبناء والنقل والمحاجر والمناجم والحفر والأفران والموانئ، والشحن والتفريغ، والزراعة والتوصيل.
مشاريع الدولة .. وغياب الأمان
يعمل غالبية هؤلاء العمال في مشاريع تشرف عليها الدولة مثل إنشاء المدن الجديدة والكباري وإصلاح الطرق والممرات وتغطية وتبطين الترع. وعادة ما يتم اللجوء إلى التعاقد معهم بعقود مؤقتة من خلال شركات المقاولات التي تعمل من الباطن مع الحكومة أو الهيئات العسكرية المنوط بها إتمام تلك المشاريع.
عادة ما تكون مرتبات هؤلاء العمال غير مجزية مقارنة بطبيعة العمل التي لا تتناسب مع المجهود ومستوى الخطر الذي يتعرضون إليه أثناء ساعات العمل اليومية. لكن المشكلة الأكبر التي واجهتهم خلال سنة 2023 هي موجات الحرارة غير المسبوقة في مصر.
شهر يوليو الحارق
تشير الدراسات الأكاديمية إلى أن درجة الحرارة القصوى التي يمكن أن يتحملها الشخص السليم لعدة ساعات هي 31 درجة مئوية في البيئات الرطبة الدافئة. وبما إن شهر يوليو الماضي كان الأكثر حرارة في تاريخ البشرية، فقد تعرضت مصر لموجة شديدة الحرارة وصلت إلى 42 درجة مئوية في القاهرة و45 درجة في الصعيد.
يزداد الأمر صعوبة في ظروف العمل الصحراوية التي يعمل بها العمال غير الرسميين كما هو الحال في إنشاءات العاصمة الإدارية الجديدة التي تقع في منطقة صحراوية بين السويس والقاهرة. إذ يتعرضون لحرارة الشمس يومياً ما لا يقل عن ثماني ساعات بشكل مباشر، مما يعرضهم لخطر الحروق وضربات الشمس والطفح الجلدي والجفاف وغيرها من الأعراض المصاحبة لعدم توافر المياه بشكل دائم ومستمر، وصولا إلى خطر الوفاة.
ما يجب فعله!
يُفترض بالدولة أن تراعي القوانين التي تنظر إلى العمال بشكل أكثر إنسانية، كما هو الحال في القرار 211 لسنة 2003 الصادر عن وزارة القوى العاملة والهجرة، والذي يحدد مدة الراحة بنحو 25% إلى 75% من مدة العمل وفقا ووفقا لدرجات حرارة تتراوح 25 إلى 32 درجة مئوية. لكن عمليا لا يُنفذ القرار المشار إليه.
يمكن للحكومة مساعدة العمال غير الرسميين في الأجواء الحارة عبر عدة إجراءات مثل: تقسيم ساعات العمل في اليوم الواحد، وإتاحة فترات راحة أكبر في أوقات الحرارة المرتفعة، وتركيز العمل خلال الساعات المبكرة في اليوم أو الساعات المتأخرة تجنباً للحرارة المرتفعة، وتوفير الاحتياطات الطبية اللازمة والطارئة لأي حالات تحدث جراء تلك الموجة الحرارية، بالإضافة إلى وجود تأمين صحي واجتماعي لهؤلاء العمال.
في رأيك هل تعرف شخصاً يواجه مشكلة في عمله بسبب درجات الحرارة المرتفعة؟