مع قرار إسرائيل بمنع الوقود والمياه والطعام والكهرباء عن 2.3 مليون شخص يعيشون في قطاع غزة، وتجاوز عدد الضحايا 7 آلاف قتيل فضلا عن أكثر من 20 ألف مصاب، واستمرار القصف الجوي الجنوني للمنازل والأسواق والمخابز، تتجه الأنظار نحو معبر رفح الذي يمثل النافذة الوحيدة لسكان غزة على العالم بعيدا عن قبضة الجيش الإسرائيلي، والذي يوجد على الحدود المصرية الفلسطينية.
قصة معبر رفح
عندما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة في عام 2005، رعت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس اتفاقية تُدعى “اتفاقية التنقل والعبور” بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية لتمكين سكان غزة من المرور عبر معبر رفح. وبمقتضاها وافقت إسرائيل على السماح للاتحاد الأوروبي بالإبقاء على بعثة للمساعدة الحدودية تُدعى (EUBAM) لمراقبة المعبر. كذلك راقبت إسرائيل المعبر باستخدام كاميرات خاصة، كما احتفظت بصلاحية فتح وإغلاق المعبر بناء على تقييمها للوضع الأمني.
تغير الوضع مع سيطرة حركة “ح،م،ا،س” على قطاع غزة عام 2007، حيث امتنعت بعثة الاتحاد الأوروبي عن القيام بمهامها، فيما سمحت الحكومة المصرية أحيانا لسكان غزة بالمرور من خلال المعبر، وهو ما أزعج كلا من إسرائيل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حيث عبرا عن إحباطهما من القرار المصري، متهمين إياه بتقويض السلطة الفلسطينية.
وفي ظل الحصار الإسرائيلي المشدد لغزة، وإغلاق السلطات المصرية للمعبر بشكل متكرر تخطى سكان القطاع الحدود المصرية في يناير عام 2008 حيث دخل نحو 200,000 شخص لشراء الأطعمة والأدوية، وقال الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك ” سمحنا لهم بالدخول وشراء الطعام ثم العودة لاحقًا طالما أنهم لا يحملون أسلحة”.
الأنفاق كبديل لمعبر رفح
بجوار المعبر، غضت السلطات المصرية آنذاك الطرف عن الأنفاق الحدودية، والتي بدأ حفرها في مدينة رفح التي قُسمت بموجب شروط معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، إلى مدينتين، إحداهما وهي الأكبر في قطاع غزة الذي كانت تحتله إسرائيل آنذاك، وجزء أصغر في الجانب المصري. إذ حفرت العائلات أنفاقا صغيرة للعبور منها والتواصل مع أقاربهم، ولنقل البضائع والوقود والطعام وغيرها من السلع.
قبل أن تنسحب إسرائيل من غزة، بنت جدارا خرسانيا بارتفاع 8 أمتار على طول حدود غزة مع مصر، وبعمق يمتد إلى 4 أمتار تحت الأرض، وهو ما زاد من أهمية معبر رفح لعبور الأفراد والبضائع. لكن مع الانسحاب الإسرائيلي في عام 2005 تنامت ظاهرة الأنفاق، ولذا طلبت تل أبيب من واشنطن ربط مساعداتها العسكرية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار بجهود مصر في إحباط عمليات التهريب عبر الأنفاق، وبالفعل اشترطت واشنطن في عام 2008 شهادة من وزير الخارجية الأمريكي باتخاذ مصر خطوات ملموسة لكشف وتدمير شبكة التهريب والأنفاق إلى غزة، مقابل منحها 100 مليون دولار سنويا من المساعدات الأمريكية، وإلا ستجمدها.
كذلك اقترحت الحكومة الأمريكية تخصيص 23 مليون دولار من المساعدات العسكرية السنوية لمصر لشراء معدات كشف عن الأنفاق أكثر تقدما، واستفزت المطالب الإسرائيلية الرئيس مبارك الذي قال آنذاك “إن إسرائيل تجاوزت الخط الأحمر في هذا الملف”.
ما بعد 2013: غلق الأنفاق والتضييق على المعبر
عقب وصول السيسي إلى السلطة، قام بإغلاق كافة الأنفاق الحدودية مع غزة، كما أشرف على إقامة منطقة حدودية عازلة بعرض 4 كيلو متر أثناء أحداث العنف التي شهدتها سيناء، وهو ما تطلب تهجير أهالي رفح والشيخ زويد، وبالتالي انتهت عمليات التهريب عبر الأنفاق، وتبقى معبر رفح كمنفذ وحيد لأهل غزة تجاه مصر. لكن تم التضييق على التنقل عبره، فبحسب مجموعة الأزمات الدولية انخفض عدد العابرين لمعبر رفح في كلا الاتجاهين من 420 ألف شخص في عام 2012، ليصل إلى 6800 شخص فقط في أول 5 شهور من عام 2015.
الأزمة الحالية
منذ بدء الحرب الأخيرة في 7 أكتوبر، قصف الجيش الإسرائيلي معبر رفح 4 مرات مما أدى إلى إصابة 4 موظفين مصريين بحسب وزير الخارجية سامح شكري، كذلك ترفض إسرائيل مرور شاحنات الوقود، ولم تسمح إلا بدخول قوافل صغيرة جدا لا تتعدى 20 شاحنة في المرة الواحدة، وذلك بعد فحصها على يد الجنود الإسرائيليين أولا في معبر نيتسانا الإسرائيلي.
في ظل الوضع الإنساني الصعب بغزة، تتعالى الأصوات المطالبة للحكومة المصرية بفتح المعبر، وعدم انتظار الموافقات الإسرائيلية، إذ استمرار الوضع الحالي يعني المشاركة في حصار ومعاقبة أهل غزة.
شاركنا رأيك بخصوص دور مصر في فتح المعبر.