كيف تقزم دور مصر التاريخي في القضية الفلسطينية وتحول لحارس بوابة؟

 

يعد هجوم المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر الأكبر من نوعه ضد إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973، بل إنه الهجوم الأكبر داخل الأراضي المحتلة منذ تأسيس إسرائيل، ما جعله الحدث الأهم على الساحة العالمية.

لاحظ المتابعون تراجع الدور المعتاد الذي تقوم به مصر في القضية الفلسطينية، حيث اعتاد الجميع النظر صوب مصر، والذهاب إليها في كل مرة يحدث فيها تصعيد بين الجانب الفلسطيني ودولة الاحتلال لما تمتلكه مصر من علاقات قوية مع السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة المختلفة من ناحية، ومع إسرائيل من ناحية أخرى.

هذا الوضع جعل القاهرة طرفا في تهدئة الصراع، ولكن في الحرب الحالية تعاملت القوى الإقليمية والعالمية مع مصر بطريقة لا تتناسب مع أهميتها التاريخية، وظهرت دول أخرى لتلعب دور الوساطة مثل قطر، كما ينظر إلى السعودية على أنها تستطيع القيام بدور في الصراع الحالي. وذلك على الرغم من حقيقة أن تأثير الصراع الحالي يُهدد أمن مصر وسيادتها على أراضيها.

دور مصر التاريخي في القضية الفلسطينية

منذ بداية ظهور القضية الفلسطينية قبل الحرب العالمية الثانية، لعبت مصر دوراً بارزا في دعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ولسنوات طويلة شكلت فلسطين محوراً هاماً من محاور الأمن القومي المصري. وبسبب موقعها الجغرافي المتاخم تتمتع فلسطين بأهمية كبيرة من الناحية الإستراتيجية فضلا عن البعد الديني والعمق التاريخي والترابط الأسري والعلاقات التجارية، هذه الأهمية دفعت أي نظام يحكم مصر إلى وضع فلسطين في أولوية اهتماماته.

حققت مصر من خلال دورها في القضية الفلسطينية مكاسب استراتيجية، إذ لم يعد لديها أي دور دولي سوى الذي تمارسه في التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، لذلك استثمر نظام مبارك في هذا الدور، وعمل على بناء علاقات قوية مع جميع الفصائل الفلسطينية وعلى رأسهم حركة فتح وحماس، مع الحفاظ على علاقة التطبيع مع إسرائيل. وحرص جهاز المخابرات العامة على إدارة العلاقة بما يخدم مصالح النظام المصري، وهو ما جعل الدول الكبرى تمنح مصر أهمية خاصة، على عكس ما يحدث الآن.

دور حارس البوابة

يقع معبر رفح في جنوب قطاع غزة، على الحدود مع مصر، ووفقاً للاتفاقيات فإن الإدارة الفلسطينية هي المسؤولة عن تشغيل المعبر من جانبها، فيما تشرف مصر على الجانب الواقع ضمن حدودها. وبالرغم من ذلك فقد منعت مصر أي شاحنة من العبور إلى القطاع منذ اليوم الأول لنشوب الصراع الحالي، وتعللت مراراً وتكراراً بإنها ليس هي من يغلقه.

وخلال الأيام التالية قصفت إسرائيل المعبر أربع مرات، وأكد وزير الخارجية سامح شكري أن القصف أسفر عن إصابة 4 عمال مصريين، وبالرغم من هذا الاعتداء الصارخ على سيادة مصر على المعبر، لم تقم الحكومة المصرية بأي رد فعل جاد. واستمر إغلاق المعبر أمام المساعدات، إلا عدد قليل من الشاحنات التي تذهب لنقطة تفتيش اسرائيلية بعيدة عن المعبر، وبعد تفتيشها تسمح لها إسرائيل بالمرور.

الوضع الحالي يخالف ما كان يحدث في الصراعات السابقة، حيث كانت مصر تفتح المعبر أمام   المساعدات وحملات الإغاثة وخروج الأشخاص للعلاج، وحتى في حالة ممارسة إسرائيل لضغوط، كانت الأجهزة الأمنية تسمح بعور المساعدات والأشخاص من خلال الأنفاق الموجودة على الحدود المصرية. قبل أن يهدم الجيش المصري تلك الأنفاق، ويفرض حصاراً خانقاً على كامل قطاع غزة. ولا يبدو أن النظام المصري سيغير نهجه حتى في ظل قصف إسرائيلي هو الأكبر والأعنف على الإطلاق.

وجاء حادث قصف الجيش الإسرائيلي لنقطة تابعة للجيش المصري على الحدود، ليثبت أن الإدارة المصرية كما فشلت في إيقاف الهجوم العنيف ضد الفلسطينيين وفي إدخال المساعدات بكميات تتناسب مع الاحتياج، فإنها فشلت أيضاً في حماية أمنها القومي، وفي الرد على الاعتداءات الإسرائيلي على أراضيها، ليقتصر دورها على أداء وظيفة حارس بوابة معبر رفح.

أضف تعليقك
شارك