يواجه سوق السيارات في مصر معاناة كبيرة، بسبب شُح الدولار الذي بدأ مع تصاعد الأزمة الاقتصادية خلال العام الماضي، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار بأكثر من 50% مع توقعات بالمزيد من الانخفاض، ما تسبب في ارتفاع أسعار السيارات بشكل جنوني، وأدى إلى تراجع حركة البيع والشراء وحدوث ركود كامل في السوق.
أسباب ركود سوق السيارات
تكشف أرقام مبيعات السيارات في العام الحالي عن تراجع كبير في عمليات الشراء، وبحسب “مجلس سوق السيارات المصري” فإن المبيعات التي حققها السوق المصري انخفضت إلى أرقام متدنية، فقد باع الموزعون نحو 5 آلاف سيارة فقط خلال شهر أبريل مقارنة بعدد 16.6 ألف سيارة خلال الشهر ذاته من العام الماضي. ويشتكي التجار والعاملين في السوق من التراجع الحاد في حركة البيع والشراء على خلفية الارتفاع الكبير في أسعار السيارات مما يجعل المستهلكين ينفرون من الشراء.
بعد أن كانت واردات مصر من السيارات الجاهزة تبلغ في السابق نحو 8 مليار دولار سنويا، فمن المتوقع خلال العام الحالي أن تنخفض بأكثر من النصف، بسبب أزمة النقد الأجنبي التي تواجها الدولة مع ارتفاع التزاماتها من العملة الأجنبية على خلفية زيادة أعباء الديون الخارجية.
جدير بالذكر أن الأزمة تفاقمت منذ بدأت الحكومة المصرية في وضع قيود على عملية الاستيراد، مما جعل من الصعب على الشركات والموزعين استيراد سيارات تامة الصنع، أو استيراد مستلزمات تجميع السيارات وقطع الغيار. وبسبب ذلك أجبرت العديد من شركات السيارات العالمية على وقف مبيعاتها لمصر، كما قامت العديد من شركات التصنيع والتجميع للسيارات بخفض إنتاجيتها وتسريح العمال بسبب عدم القدرة على استيراد المواد الخام، فيما يتجه البعض الآخر إلى الإغلاق نهائياً.
ومع توقف عملية الاستيراد، اتجه معظم وكلاء السيارات إلى شراء الدولار من السوق السوداء بأعلى من السعر الرسمي بنحو 25%، فضلا عن ارتفاع تكلفة تشغيل المعارض بفعل الركود، وبالتالي أصبحت السيارة الواحدة ذات تكلفة باهظة على البائع، وهو الأمر الذي يجعل البائع يرفع سعر البيع النهائي لتغطية تكلفة التشغيل.
المضاربة على أسعار السيارات
من المعروف أن سوق السيارات في مصر يتسم بالاحتكارية، وعدد قليل من الوكلاء والموزعون هم من يستطيعون الاستيراد أو الحصول على السيارات المجمعة محلياً، لذلك يتمكنون من التحكم في المعروض من السيارات وتحديد السعر.
على الجانب الآخر فإن معظم المستهلكين يرغبون في استثمار أموالهم وحمايتها من الانخفاض مع فقدان الثقة في الجنيه المصري، والتخوف المزمن من التعويم، لذلك يتجهون إلى شراء السيارات مع يقينهم بارتفاع أسعارها في المستقبل. وقد منح الارتفاع الكبير في الطلب وزيادة رغبة المستهلكين في الشراء، فرصة لتجار السيارات للمضاربة على أسعار السيارات لتحقيق أرباح ضخمة، بالإضافة إلى التسابق في رفع الأسعار بدون أي ضوابط واضحة.
هناك العديد من الأدلة تشير إلى أن هناك تجار وأفراد يشترون السيارات ليس بهدف استعمالها، بل بهدف تخزينها وبيعها بأضعاف سعرها، ما أدى إلى وجود خلل كبير في السوق، فهناك سيارات معروضة بأسعار خرافية ولا تجد من يشتريها، ومستهلكون لديهم الرغبة في الشراء ولكن ليست لديهم الأموال الكافية، وهو ما جعل من المستحيل على معظم المصريين من الطبقة الوسطى اقتناء سيارة خاصة.
لا تنفصل أزمة السيارات عن الأزمة الاقتصادية في مصر، حيث أصبح بمقدور كل من يملك سلعة أن يضارب عليها ويتحكم في تسعيرها كما يشاء، في ظل حالة عدم اليقين وغياب دور الأجهزة الرقابية في الدولة.
شاركنا تجربتك، هل بمقدورك شراء سيارة جديدة، وهل تجد أسعار السيارات حاليا في متناول اليد؟