في مباراة نهائي كأس دوري أبطال إفريقيا الذي جمع بين النادي الأهلي المصري ونظيره الوداد المغربي، أثارت لائحة تعليمات الدخول إلى إستاد القاهرة الدولي الكثير من السخرية والاستهجان لكثرة التعليمات التي بمجرد أن يجتازها المُشجع بالكاد لا يعود يملك شيئًا أكثر من جسده فقط.
كانت قضية عودة الجماهير إلى الملاعب المصرية في السنوات الماضية محلا للجدل، بالتحديد بعد استتباب الأوضاع الأمنية، إذ ظلت الملاعب فارغة من جماهيرها إلا في بعض المباريات الاستثنائية لمنتخب مصر أو لأندية مصرية في البطولات القارية منذ أحداث مذبحة بورسعيد 2012. ورغم ذلك حدثت مجزرة إستاد الدفاع الجوي عام 2015، كما طاردت وزارة الداخلية روابط التشجيع “أولتراس” واعتبرتها جماعات إرهابية محظورة. وتحت هذا الستار حدثت الكثير من الانتهاكات في حق المشجعين المنتمين لروابط الأولتراس.
عادت الجماهير بصفة رسمية إلى حضور الدوري المصري في موسم 2021-2022 وبسعة محددة هي خمسة آلاف مشجع في المباراة، بعد استيفاء الكثير من الشروط التي بموجبها يسلم الحضور بياناتهم بالكامل إلى شركة “تذكرتي” التابعة لجهة سيادية، والمُنظمة لبيع تذاكر المباريات. وبدخول “تذكرتي” وشركة “ستادات” المملوكتين للدولة مجال كرة القدم أصبح طريق الجماهير إلى الملاعب بمثابة طريق إلى الجحيم.
تفتيش وتحرش
يتندر مشجعو كرة القدم على وسائل التواصل الاجتماعي بتجربة التفتيش التي يتعرضون لها أثناء دخولهم إلى الإستاد، رغم ما في التجربة من مأساوية وانتهاك كامل، فستجد الكثير من التجارب التي تتحدث عن ملامسة أفراد الأمن لمناطق حساسة في أجسادهم للتأكد من عدم إخفاء أى من المحظورات والتي تبدأ من “الشمروخ” إلى غطاء الزجاجة.
تمنع شركة الأمن أيضًا دخول المشروبات الغازية “الكانز” والمعلبات والعطور وعلب الكبريت والولاعات وحتى السواري التي تحمل الأعلام والطبول كذلك ممنوعة. وما يُعرف بالبانرات التي تُكتب عليها عبارات تحفيزية وتشجيعية للفريق، والملُصقات كذلك.
ولكن، ظهرت بعض الفيديوهات من بعض المباريات للجماهير من رواد الدرجة الأولى والمقصورة الرئيسية من جماهير الصفوة والشخصيات الهامة، وهم يقيمون حفلات أعياد الميلاد التي تحوي كل المحظورات على الجماهير العادية -جماهير الدرجة الثالثة- أثناء دخولها الاستاد، وهو ما سبب استياء من وجود الواسطة والمحسوبية في تطبيق القوانين حتى في حضور مباراة كرة قدم.
طريق مُختصر للسجن
دخول الإستاد ليس نهاية مغامرة التشجيع وما بها من مخاطرات، فقد يواجه أفراد من المشجعين مصيرًا يقودهم إلى السجن بتهمة الانضمام إلى جماعة محظورة فلم يؤد الطفل “يوسف حمدي” مشجع النادي الأهلي امتحانات نهاية السنة الدراسية في أولى ثانوي بالمدرسة، إنما خاضها في زنزانة بعد القبض عليه في أعقاب مباراة النادي الأهلي والرجاء المغربي في أبريل الماضي.
يشاطر مصير يوسف الكثير من المُشجعين الذين قُبض عليهم مؤخرًا في مباريات الأهلي والزمالك على حد سواء، ففي أعقاب مباراة الزمالك وشباب بلوزداد الجزائري قُبض على أربعة مشجعين للفريق بسبب وضعهم استيكرات تهاجم رئيس النادي مرتضى منصور.
ولا يسلم المشجع حال وصوله إلى منزله، فبياناته تتواجد بالفعل لدى شركة “تذكرتي” وذلك ما حدث لمشجعي النادي الأهلي في أعقاب مباراته مع الرجاء المغربي فبعد أن دعوا إلى حملة لمقاطعة شركة تذكرتي والامتناع عن حضور المباريات بسبب ما يتعرضون له من سوء معاملة، تم القبض عليهم بتهمة الدعوى إلى تخريب المنشآت العامة، في قضية محبوس على ذمتها حتى الآن 60 مشجعًا.
ورغم أن كثيرين يُخلى سبيلهم بعد دفع غرامة تصل إلى 500 جنيهًا، إلا أن آخرين مثل يوسف تحولت حياتهم في لحظة إلى جحيم، وأصبحوا مجرمين في نظر القانون بسبب قرارهم بالترفيه عن أنفسهم وحضورهم مباراة كرة قدم لتشجيع فريقهم المفضل.