الدورات الرمضانية.. من الشارع إلى سيتي كلوب

الدورات الرمضانية الكروية هي طقس من طقوس البهجة التي تصاحب شهر الخير لدى المواطن المصري الذي يعشق كرة القدم، ومن مصر انتقلت تلك الظاهرة لغيرها من البلاد المجاورة، فاليوم نجد دول الخليج حيث تتركز جاليات مهاجرة كبيرة، تنظم دورات رمضانية عمادها الأساسي المغتربون المصريون. ولكن مؤخرا بدأت الدورات الرمضانية  تواجه أزمات تسببت في الحد من تنظيمها في السنوات الماضية، كما انتقلت من الملاعب الشعبية إلى ملاعب سيتي كلوب.

تقلص الحق في الفضاء العام

تنتظم الدورة الرمضانية في شوارع الحي على الأغلب بالجهود الذاتية، فأفراد الفرق المشاركة من الأهالي يجمعون الأموال فيما بينهم، ويشترون بها تجهيزات الدورة وجائزتها التي يضعونها نصب أعينهم في النهاية. وترتبط الدورة الرمضانية  بمجانية المساحات المفتوحة التي يمكن استخدامها كفضاء عام لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية المختلفة.

في منطقة عابدين كمثال، كانت تنظم إحدى الدورات الشهيرة في المساحة الخضراء الشاسعة أمام قصر عابدين الرئاسي الأثري. وما تعرضت له تلك الدورة التي أصبحت من الماضي، يستحق الوقوف عليه لأنه انعكس على حال الدورات الرمضانية في ربوع مصر. فحديقة عابدين الواسعة التي كانت موقعًا لذلك الحدث الرمضاني، قد تم “تطويرها” منذ سنتين لتصبح صالة مطاعم ومقاهي وملاهي تؤجرها الحكومة للشركات الخاصة وتنتفع منها رغم أنها حديقة عامة.

إلى جانب تلك الخصخصة التي جرفت الدورة الرمضانية، هناك ضرر أخر لحق بالمساحات الخلفية في حدائق القاهرة التي كانت متنفسًا لإقامة الدورات حتى في حالتها الترابية وشبه الخضراء. فقد فقدت القاهرة 225 فدانًا من مساحاتها الخضراء بين عامي 2017 و 2020، وانخفضت حصة الفرد من المساحات الخضراء في نفس الفترة من 0.87 إلى 0.74 متر مربع، وهي نسب تبتعد عن النسب العالمية لحق الفرد في المساحات الخضراء.


ادفع لتلعب

شكلت ملاعب “الترتان” بديلًا للعب كرة القدم في السنوات الاخيرة، حيث خضعت مراكز الشباب الحكومية هي الأخرى لتطوير جعل لأغلبها ملاعب ترتان ذات مستوى جيد، ولكن يفاجئ من يريد لعب دورته الرمضانية بأن رسم الاشتراك في مراكز الشباب الحكومية يتراوح بين 1000 إلى 1500 جنيهًا للفريق المكون من خمسة أفراد. ولا يمكنك اللعب مجانًا في دورة رمضانية في مركز شباب حكومي إلا في المراكز التي يوظفها حزب “مستقبل وطن” لتنظيم دوراته الرمضانية كتبييض سياسي باستخدام كرة القدم.
إذا تركت مراكز الشباب الحكومية المنتشرة في الأحياء الشعبية، لتنظر حالة أخرى في نادي “سيتي كلوب” التابع لشركة “ستادات” المملوكة لأحد الأجهزة السيادية، تجد أن النادي يمتلك 16 فرعًا في 15 محافظة على مستوى الجمهورية. وبينما تدعي شركة “سيتي كلوب” أنها تمثل مشروعًا للارتقاء بالمجال الرياضي في مصر واكتشاف المواهب دون تمييز، فإنها في نفس الوقت تفتح ملاعبها لتنظيم الدورات الرمضانية لغير الأعضاء برسم اشتراك يبلغ 2500 جنيهًا للفريق الواحد من غير أعضاء النادي.


من اللافت أنه في الوقت الذي يوجه فيه السيسي ضمن برنامج “كابيتانو مصر” باكتشاف المواهب في أنحاء الجمهورية لاكتشاف “مليون محمد صلاح” يبدو أن مصر في طريقها لخسارة مفرخة كبرى لنجومها في الكرة تمثله الدورات الرمضانية، وذلك بسبب عمليات التطوير المزعوم التي تتجاهل حق المواطن في الفضاء العام، فضلا عن طمع الأندية ومراكز الشباب في أموال المواطنين.

شاركنا تجربتك في لعب كرة القدم بالدورات الرمضانية.

 

 

أضف تعليقك
شارك