وزارة العدل الأميركية تكشف قضية فساد في مصر

كشفت وزارة العدل الأمريكية في مارس 2023 عن قضية فساد تلقى خلالها مسؤولون في الحكومة المصرية رشاوي من شركة أمريكية لتمرير صفقات تجارية في مجال الكيماويات، ووُجهت اتهامات لمدير الشركة الأمريكية بغسيل الأموال وخرق قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة.

تعيد تلك القضية تسليط الضوء على تدهور ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022 حيث احتلت المركز 130 عالميا من بين 180 دولة يغطيها المؤشر، وهو أسوأ مركز حصلت عليه مصر منذ بدأ نشر المؤشر في عام 1995.

تفاصيل القضية

بحسب تحقيقات وزارة العدل الأميركية، فقد اعترف المسؤولون في شركة “كورساكول” الأمريكية بدفع 4.8 مليون دولار إلى وسيط لرشوة مسؤولين مصريين مقابل الفوز بعقود توريد لشركة “النصر لصناعة الكوك” الحكومية. وقد أسفرت الرشوة عن فوز الشركة الأمريكية بعقود توريد فحم بقيمة 143 مليون دولار، وهو ما حقق أرباحا بمقدار 32.7 مليون دولار. وقد حاولت الشركة الأمريكية إخفاء مبلغ الرشوة ضمن بنود نفقاتها التشغيلية، لكنها لم تنجح في ذلك بشكل كامل مما قاد إلى التدقيق في أنشطتها واكتشاف الأمر.

أين الحكومة المصرية؟

التزمت الحكومة المصرية الصمت تجاه القضية التي يمكن أن تفتح ملف شركة “النصر لصناعة الكوك”، حيث سبق لوزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق في عام 2022 أن أعلن توجه الحكومة بتصفية الشركة بحجة تحقيقها خسائر وعدم جدوى خطط تطويرها، وذلك رغم أن التقرير السنوي المالي للشركة أشار إلى تحقيقها أرباح بنحو 114 مليون جنيه خلال الفترة من 1 يوليو 2021 حتى 30 إبريل 2022.

تلقي قضية الفساد الأخيرة بظلال من الشك حول ملف شركة النصر للكوك، والجهات التي تقف خلف قرار تصفيتها، ومدى حقيقة تحقيقها لخسائر من عدمه. كما أنها تشكك في صحة حديث السيسي مؤخرا عن أن مشاكل مصر لا تكمن في الفساد ولا في ترهل الأداء الحكومي إنما في الزيادة السكانية!، وهو ما يطرح سؤالا حول جدوى إنقاص عدد السكان في ظل انتشار الفساد ونهب المال العام دون محاسبة.

قضايا قديمة جديدة

كشف وزارة العدل الأمريكية عن قضية الفساد أعلاه، يعيد التذكير بالكشف عن قضية اللوحات المعدنية للسيارات في عهد مبارك، والتي تورطت فيها شركة “أوتش الألمانية” عبر حصولها على أمر توريد بالإسناد المباشر للوحات معدنية للسيارات مقابل 22 مليون يورو دون عمل مناقصة للحصول على أفضل الأسعار، وهي قضية نظر فيها القضاء المصري بعد ثورة يناير، حيث صدرت فيها أحكام بالسجن 10 سنوات على وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي، والسجن 5 سنوات لوزير الداخلية حبيب العادلي، والسجن سنة واحدة لرئيس الوزراء أحمد نظيف.  ولكن في عام 2022 أعيد النظر في القضية ليُحكم ببراءة جميع المتهمين فيها.

كذلك سبق في عام 2011 أن انكشفت قضية رشوة شركة مرسيدس الألمانية لعبدالحميد وصفي رئيس إحدى الشركات التابعة للهيئة العربية للتصنيع، وزوجته، حيث تقاضى وصفي رشوة من مرسيدس تجاوزت نصف مليون يورو نظير شراء شركته الحكومية لسياراتها من مرسيدس. وقد حكم عليه القضاء العسكري بالسجن لعامين فقط.

أحكام البراءة في القضايا السالف ذكرها أو السجن المخفف، فضلا عن الصمت الحكومي تجاه قضية النصر للكوك، تشجع المزيد من المسئولين الحكوميين على الانخراط في قضايا فساد شبيهة، وبالأخص مع تراجع قيمة الجنيه، وعدم كفاية مرتباتهم للوفاء باحتياجاتهم، مما يشير إلى وجود مظلة من الدولة تمنع اتخاذ إجراءات مشددة ضد هؤلاء الفاسدين الذين يقومون بممارسات ضارة يدفع ثمنها المواطنون وحدهم.

أضف تعليقك
شارك