على وقع أزمة شح الدولار في السوق المصري، وتعثر برنامج بيع شركات حكومية لدول الخليج التي تريد الشراء بالجنيه وقت توقيع العقد بدلا من الشراء بالدولار مثلما تريد الحكومة المصرية، والاحتياج الشديد إلى الدولار لسداد أقساط الديون والفوائد التي وصلت إلى 155 مليار دولار، وانخفاض تحويلات المصريين المغتربين مؤخرا بنسبة 20%، تفتق ذهن صانع القرار المصري عن مبادرة جديدة تقضي بمنح الجنسية المصرية للأجانب مقابل دفعهم أموالا مخفضة بالدولار وفق مسارات محددة. وذلك رغم حديث السيسي المتكرر عن أن أزمة مصر تكمن في زيادة عدد السكان، ودعوته المواطنين إلى تقليل معدلات الإنجاب.
بنود التجنيس
نص قرار رئيس الوزراء المنشور في الجريدة الرسمية على إمكانية منح الجنسية للأجانب وفق عدة مسارات:
- شراء عقار، سواء كان مملوكا للدولة أو لغيرها من الشخصيات الاعتبارية بقيمة لا تقل عن 300 ألف دولار، وبشرط تحويل الأموال من الخارج.
- إنشاء أو المشاركة في مشروع استثماري بمبلغ لا يقل عن 350 ألف دولار مع إيداع 100 ألف دولار في الخزينة العامة.
- تقديم وديعة بقيمة 500 ألف دولار من الخارج في أحد البنوك المصرية على أن تسترد في غضون ثلاث سنوات بالجنيه بدون فوائد.
- تقديم وديعة غير قابلة للاسترداد بقيمة 250 ألف دولار في خزينة الدولة.
مبررات الحكومة
يقدم المسؤولون مبررات تستند إلى أن هذا الإجراء معمول به في عدد من الدول الأخرى مثل إسبانيا وتركيا والبرتغال، وأنه سيجلب أموالا بالعملة الصعبة، لكن يغيب عنهم أن البيئة الاستثمارية في تلك البلاد منفحتة، فضلا عن وجود حقوق قانونية واضحة بينما في مصر يعاني رجال الأعمال من التضييق والسجن، وكثيرا دون ارتكابهم جرائم مثلما حدث مع رجل الأعمال صفوان ثابت صاحب شركة جهينة ونجله، وسيد السويركي صاحب محلات التوحيد والنور، ورجل الأعمال الشهير صلاح دياب الذي تعرض للسجن مرتين خلال السنوات الماضية. وبالتالي فإن إقبال أصحاب الأموال إلى مصر يتطلب بيئة قانونية وسياسية تشجعهم على ذلك، وليس بيئة طاردة حتى لرجال الأعمال المصريين، مما دفع العديد منهم مثل نجيب ساويرس وأسرة رجل الأعمال محمد فريد خميس لنقل مقرات شركاتهم إلى الخارج.
كذلك فإن القرار الحكومي ليس جديدا، إنما الجديد فيه هو تخفيض قيمة المبالغ المطلوبة التي حددها قانون صدر في عام 2019، فعلى سبيل المثال تم تخفيض المبلغ المطلوب لمنح الجنسية مقابل شراء عقار من 500 ألف إلى 300 ألف دولار، فالقرار القديم لم ينعكس على وجود إقبال للأجانب لشراء العقارات في مصر بغرض التجنيس، فإذا أضفنا أن الباسبور المصري ضعيف عالميا، ويتطلب الحصول على تأشيرات مسبقة قبل السفر لأغلب الدول في حين أن باسبورات العديد من جزر الكاريبي على سبيل المثال تتيح السفر إلى دول شنجن في أوروبا وغيرها بتأشيرات إلكترونية فقط. فلماذا يقدم المستثمر على مصر للحصول على الجنسية في ظل توافر بدائل أخرى أكثر جذبا.
المخاوف
يوجد تخوف يتمثل في أن يجذب القرار الحكومي شريحة قادة عصابات المافيا والفاسدين ممن يريدون الاختباء في أماكن يصعب على دولهم الأصلية تتبعهم فيها، أو تجنيس بعض الإسرائيليين بالأخص ممن يمكن أن يشتروا عقارات في مناطق حساسة وحيوية، وهو ما تقول الحكومة أن من الصعب حدوثه في ظل تدقيق الأجهزة الأمنية في هوية طلبات الراغبين في الحصول على الجنسية المصرية. ولكن الرشاوى والفساد المنتشر يتيح تخطي تلك الإجراءات البيروقراطية.
أخيرا، يقول الإعلامي عمرو أديب إنه في حالة تقدم 100 ألف شخص بطلبات التجنيس، فهذا سيجلب نحو 25 مليار دولار للبلد، وسيضيف 100 ألف نسمة فقط لعدد المصريين البالغ 104 مليون شخص. أي أن الزيادة السكانية مقبولة في حال جلبها دولارات، ومرفوضة في غير ذلك.
شاركنا رأيك بخصوص تعديلات منح الجنسية المصرية للأجانب؟