في نهاية يناير الماضي، زار وزير الخارجية الأميركي القاهرة، واجتمع مع المسئولين المصريين، ثم عقد مؤتمرا صحافيا أشار خلاله إلى أن بلاده تعمل على مساعدة مصر بمبادرات لتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية.
وفي فبراير من العام الجاري أعلنت مؤسسة باثفايندر الأمريكية إطلاق برنامج بـالشـراكـة مـع وزارة الـصحة والـسكان المصرية يُدعى “بـرنـامـج تنظيم الأسـرة والـصحة الإنجابية” تحت الاسم المختصر “أسرة”، وممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمبلغ 39 مليون دولار. وهي وكالة حكومية أمريكية تأسست في عام 1961 لتقديم المساعدات لشعوب الدول الأخرى.
وقد أوضح القائم بأعمال السفير الأمريكي في القاهرة دانيال روبنستين أن البرنامج جزء من مبادرات خاصة بتعزيز الصحة الانجابية مولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر خلال الثلاثين عاما الماضية بنحو 435 مليون دولار.
نطاق البرنامج
من المفترض أن يعمل البرنامج على مدار خمس سنوات، ويستهدف 10.6 مليون مواطن في 10 محافظات تشمل الشرقية والفيوم وسوهاج وأسيوط، مع خطط للتوسع مستقبلا في البحيرة والدقهلية والجيزة وبني سويف والمنيا وقنا.
يستهدف البرنامج تسهيل إمكانية وصول المواطنين إلى معلومات هامة حول تنظيم الأسرة الطوعي، والاستشارات الطبية، ووسائل منع الحمل، وتمكين الشباب وتوسيع آفاقهم بمعلومات صحية ليصبحوا أكثر نضجا بحسب تعبير البيان الصادر عن مؤسسة باثفايندر.
الحكومة المصرية كشريك
من اللافت أن البرنامج المشار له سيعمل بالتعاون مع عدة مؤسسات مصرية في مقدمتها “المشروع الـقومي لتنمية الأسرة المصرية”، وهو مشروع أطلقه السيسي شخصيا عقب حديثه في عام 2021 عن أن نسبة النمو السكاني المطلوب الوصول لها بمصر لابد أن تصبح 1% بحيث يبلغ عدد المواليد سنويا 400 ألف فرد، وذلك لمدة عشر سنوات، مع العلم أن عدد المواليد السنوي في مصر بلغ 2.3 مليون في عام 2019. ووقتها قال السيسي أنه بدون الوصول إلى تلك النسبة ينبغي عدم إلقاء أي لوم على الدولة أو الحكومة إنما على المواطنين الذين ينجبون أكثر من طفلين.
كذلك سبق أن أعلنت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد أن الحكومة تستهدف تقليص نسبة المواليد لكل سيدة إلى 2.4 مولود بحلول 2030 بدلا من نسبة 3.4 حاليا، وذلك ضمن خطة المشروع القومي لتنظيم الأسرة للفترة 2021-2023.
لماذا الاهتمام الأمريكي بحجم مصر السكاني؟
يوضح الأكاديمي الأمريكي الشهير صمويل هنتجتون خطورة الزيادة السكانية في العالم الإسلامي في كتابه صراع الحضارات قائلا (معدلات الزيادة السكانية المرتفعة تنتج : مهاجرين ومقاتلين، وهو ما يولد 3 نتائج سياسية مهمة:
1- الشباب هم أبطال الاحتجاج والإصلاح. وتاريخيا، فإن وجود مجموعات عمرية شبابية كبيرة يتصادف دائما مع حدوث احتجاجات شعبية.
2- الزيادة السريعة في نسبة من يتعلمون القراءة والكتابة في المجتمعات العربية تصنع فجوة بين جيل متعلم قادر على القراءة والكتابة، وجيل أكبر سنا معظمه أمي، مما يمثل مصدر قلق للأنظمة السياسية.
3- الكثرة السكانية تحتاج إلى موارد أكثر، مما يدفع المجتمعات كثيفة السكان عادة إلى الاندفاع نحو الخارج، إما عبر الغزو أو الهجرة مما يولد ضغوطا على المجتمعات الأخرى الأقل نموا من الناحية الديموغرافية)
نحن والصين والهند
إن دولًا مثل الصين والهند لديها عدد هائل من السكان يتجاوز مليار مواطن لكل منهما، ولكن سياسات الدولة الاقتصادية من تعليم وتدريب نظرت للمواطنين على أنهم ثروة بشرية تساهم في زيادة الإنتاج وبناء وتطوير البلد.
وقد تراجعت الصين عن سياسة الطفل الواحد بعد أن رأت آثارها الكارثية على شيخوخة المجتمع. بينما لدينا يُنظر للمواطن على أنه عبء، بل وتتعاون الحكومة المصرية مع الدول الأجنبية مثل أمريكا من أجل تنفيذ مبادرات لتحديد النسل تحت عناوين براقة تتحدث عن تحسين الصحة الانجابية في بلد يهاجر فيها الأطباء بمعدلات غير مسبوقة لتدني الرواتب والتعرض لإجراءات بيروقراطية من وزارة الصحة تدمر مستقبلهم المهني. شركنا رأيك بخصوص المبادرات الأمريكية لتقليل عدد المصريين؟